في تفسيره أبو بكر وعمر رضي الله عنهما * (الصاخة) * القيامة وهي مشتقة من قولك صخ الأذن إذا أصمها بشدة صياحه فكأنه إشارة إلى النفخة في الصور أو إلى شدة الأمر حتى يصخ من يسمعه لصعوبته وقيل هي من قولك أصاخ للحديث إذا استمعه والأول هو الموافق للاشتقاق * (يفر المرء من أخيه) * الآية ذكر فرار الإنسان من أحبابه ورتبهم على ترتيبهم في الحنو والشفقة فبدأ فالأقل وختم بالأكثر لأن الإنسان أشد شفقة على بنيه من كل من تقدم ذكره وإنما يفر منهم لاشتغاله بنفسه وقيل إن فراره منهم لئلا يطالبوه بالتبعات والأول أرجح وأظهر لقوله * (لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه) * أي هو مشغول بشأنه من الحساب والثواب والعقاب حتى لا يسعه ذكر غيره وانظر قول الأنبياء عليهم السلام يومئذ نفسي نفسي * (وجوه يومئذ مسفرة) * أي مضيئة من السرور وهو من قولك أسفر الصبح إذا أضاء * (عليها غبرة) * أي غبار والقترة أيضا الغبار قال ابن عطية الغبرة من العبوس والكرب كما يقتر وجه المهموم والمريض والقترة هي غبار الأرض وقال الزمخشري الغبرة غبار يعلوها والقترة سواد فيعظم قبحها باجتماع الغبار والسواد سورة التكوير ذكر الله في هذه السورة أهوال القيامة وما يعتري الموجودات حينئذ من التغيير * (إذا الشمس كورت) * قال ابن عباس ذهب ضوءها وأظلمت وقيل رمى بها وقيل اضمحلت وأصله من تكوير العمامة لأنها إذا لفت زال انبساطها وصغر جرمها * (وإذا النجوم انكدرت) * أي تساقطت من مواضعها وقيل تغيرت والأول أرجح لأنه موافق لقوله * (وإذا الكواكب انتثرت) * وروى أن الشمس والنجوم تطرح في جهنم ليراها من عبدها كما قال * (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم) * * (وإذا الجبال سيرت) * أي حملت وبعد ذلك تفتت فتصير هباء ثم تتلاشى * (وإذا العشار عطلت) * العشار جمع عشراء وهي الناقة الحامل التي مر لحملها عشرة أشهر وهي أنفس ما عند العرب وأعزها فلا تعطل إلا من شدة الهول وتعطيلها هو تركها سائبة أي ترك حلبها * (وإذا الوحوش حشرت) * أي جمعت وفي صفة حشرها ثلاثة أقوال أحدها أنها تحشر أي تبعث يوم القيامة ليقتص لبعضها من بعض ثم تكون ترابا والآخر أنها تحشر بموتها دفعة واحدة عند هول القيامة قاله ابن عباس وقال إنها لا تبعث وأنه لا يحضر القيامة إلا الإنس والجن والثالث أنها تجمع في أول أهوال القيامة وتفر في الأرض فذلك حشرها * (وإذا البحار سجرت) * فيه ثلاثة أقوال أحدها ملئت وفجر بعضها إلى بعض حتى تعود بحرا واحدا والآخر ملئت نيرانا لتعذيب أهل النار والثالث فرغت من مائها ويبست وأصله من سجرت التنور إذا ملأتها
(١٨٠)