التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ١٧٧
محذوف والآخرة هي دار الآخرة والأولى الدنيا فالمعنى نكال الآخرة بالنار ونكال الأولى بالغرق وقيل الآخرة قوله أنا ربكم الأعلى والأولى قوله ما علمت لكم من إله غيري وقيل بالعكس فالمعنى أخذه الله وعاقبه على كلمة الآخرة وكلمة الأولى * (أأنتم أشد خلقا أم السماء) * هذا توقيف قصد به الاستدلال على البعث فإن الذي خلق السماء قادر على خلق الأجساد بعد فنائها * (رفع سمكها) * السمك غلظ السماء وهو الارتفاع الذي بين سطح السماء الأسفل الذي يلينا وسطحها الأعلى الذي يلي ما فوقها ومعنى رفعه أنه جعله مسيرة خمسمائة عام وقيل السمك السقف * (فسواها) * أي أتقن خلقتها وقيل جعلها مستوية ليس فيها مرتفع ولا منخفض * (وأغطش ليلها) * أي جعله مظلما يقال غطش الليل إذا أظلم وأغطشه الله * (وأخرج ضحاها) * أي أظهر ضوء الشمس في وقت الضحى وأضاف الضحى والليل إلى السماء من حيث أنهما ظاهران منها وفيها * (والأرض بعد ذلك دحاها) * أي بسطها واستدل بها من قال إن الأرض بسيطة غير كروية وقد ذكرنا في فصلت الجمع بين هذا وبين قوله ثم استوى إلى السماء * (أخرج منها ماءها) * ومرعاها نسب الماء والمرعى إلى الأرض لأنهما يخرجان منها فإن قيل لما قال أخرج بغير حرف العطف فالجواب أن هذه الجملة في موضع الحال وتفسير لما قبلها قاله الزمخشري * (والجبال أرساها) * أي أثبتها ونصب الجبال بفعل مضمر يدل عليه الظاهر وكذلك الأرض * (متاعا لكم) * تقديره فعل ذلك كله تمتيعا لكم منه * (ولأنعامكم) * لأن بني آدم والأنعام ينتفعون بما ذكر * (الطامة) * هي القيامة وقيل النفخة الثانية واشتقاقها من قولك لهم الأمر إذا علا وغلب * (وبرزت الجحيم لمن يرى) * أي أظهرت لكل من يرى فهي لا تخفى على أحد * (مقام ربه) * ذكر في سورة الرحمن * (ونهى النفس عن الهوى) * أي ردها عن شهواتها وأغراضها الفاسدة قال بعض الحكماء إذا أردت الصواب فانظر هواك وخالفه وقال سهل التستري لا يسلم من الهوى إلا الأنبياء وبعض الصديقين * (أيان مرساها) * ذكر في الأعراف * (فيم أنت من ذكراها) * أي من ذكر زمانها فالمعنى لست في شئ من ذكر ذلك قالت عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن الساعة كثيرا فلما نزلت هذه الآية انتهى * (إلى ربك منتهاها) * أي منتهى علمها لا يعلم متى تكون إلا هو وحده " إنما أنت منذر من يغشاها " أي إنما بعثت لتنذر بها وليس عليك الإخبار بوقتها وخص الإنذار بمن يخشاها لأنه هو الذي ينفعه الإنذار * (لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها) * أخبر أنهم إذا رأوا الساعة ظنوا أنهم لم يلبثوا في الدنيا أو في القبور إلا عشية يوم أو ضحى يوم وأضاف الضحى كذلك إلى العشية لما بينهما من الملابسة إذ هما في يوم واحد
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»