منها مما يغر الإنسان إلا أن بعضها يغر قوما وبعضها يغر قوما آخرين فإن قيل ما مناسبة وصفه بالكريم هنا للتوبيخ على الغرور فالجواب أن الكريم ينبغي أن يعبد ويطاع شكرا لإحسانه ومقابلة لكرمه ومن لم يفعل ذلك فقد كفر النعمة وأضاع الشكر الواجب * (فعدلك) * بالتشديد والتخفيف أي عدل أعضاءك وجعلها متوازنة فلم يجعل إحدى اليدين أطول من الأخرى ولا إحدى العينين أكبر من الأخرى ولا إحداهما كحلى والأخرى زرقاء ولا بعض الأعضاء أبيض وبعضها أسود وشبه ذلك من الموازنة * (في أي صورة ما شاء ركبك) * المجرور يتعلق بركبك وما زائدة والمعنى ركبك في أي صورة شاء من الحسن والقبح والطول والقصر والذكورة والأنوثة وغير ذلك من اختلاف الصور ويحتمل أن يتعلق المجرور بمحذوف تقديره ركبك حاصلا في أي صورة وقيل يتعلق بعدلك على أن يكون بمعنى صرفك إلى أي صورة شاء وهذا بعيد ولا يمكن إلا مع قراءة عدلك بالتخفيف * (كلا) * ردع عن الغرور المذكور قبل والتكذيب المذكور بعد * (بل تكذبون بالدين) * هذا خطاب للكفار والدين هنا يحتمل أن يكون بمعنى الشريعة أو الحساب أو الجزاء * (وإن عليكم لحافظين) * يعنى الملائكة الذين يكتبون أعمال بني آدم * (يعلمون ما تفعلون) * يعلمون الأعمال لمشاهدتهم لها وأما مالا يرى ولا يسمع من الخواطر والنيات والذكر بالقلب فقيل إن الله ينفرد بعلم ذلك وقيل إن الملك يجد لها ريحا يدركها به * (إن الأبرار لفي نعيم) * في هذه الآية وفيما بعدها من أدوات البيان المطابقة والترصيع * (وما هم عنها بغائبين) * فيه قولان أحدهما أن معناه لا يخرجون منها إذا دخلوها والآخر لا يغيبون عنها في البرزخ قبل دخولها لأنهم يعرضون عليها غدوا وعشيا * (وما أدراك ما يوم الدين) * تعظيم له وتهويل وكرره للتأكيد والمعنى أنه من شدته بحيث لا يدري أحد مقدار هوله وعظمته " يوم لا تملك نفس لنفس شيأ " أي لا يقدر أحد على منفعة أحد وقرئ يوم بالرفع على البدل من يوم الدين أو على إضمار مبتدأ وبالنصب على الظرفية بإضمار فعل تقديره يجاوزون يوم الدين أو النصب على المفعولية بإضمار فعل تقديره اذكر ويجوز أن يفتح لإضافته إلى غير متمكن وهو في موضع رفع سورة المطففين * (ويل للمطففين) * التطفيف في اللغة هو البخس والنقص وفسره بذلك الزمخشري واختاره ابن عطية وقيل هو تجاوز الحد في زيادة أو نقصان واختاره ابن الفرس وهو الأظهر لأن المراد به هنا بخس حقوق الناس في
(١٨٣)