التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ١٧٩
وذكرها في قوله فمن شاء ذكره على معنى الوعظ أو الذكرى والقرآن * (في صحف) * صفة لتذكرة أي ثابتة في صحف وهي الصحف المنسوخة من اللوح المحفوظ وقيل هي مصاحف المسلمين * (مرفوعة) * إن كانت الصحف المصاحف فمعناه مرفوعة المقدار وإن كانت صحف الملائكة فمعناه كذلك أو مرفوعة في السماء ومطهرة أي منزهة عن أيدي الشياطين * (بأيدي سفرة) * هي الملائكة والسفرة جمع سافر وهو الكاتب لأنهم يكتبون القرآن وقيل لأنهم سفراء بين الله وبين عبيدة وقيل يعني القراء من الناس والأول أرجح وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة أي أنه يعمل مثل عملهم في كتابة القرآن وتلاوته أوله من الأجر على القرآن مثل أجورهم * (قتل الإنسان) * دعاء عليه على ما جرت به عادة العرب من الدعاء بهذا اللفظ ومعناه تقبيح حاله وأنه ممن يستحق أن يقال له ذلك وقيل معناه لعن وهذا بعيد " ما أكفره تعجيب من شدة كفره مع أنه كان يجب عليه خلاف ذلك " من أي شئ خلقه " توقيف وتقرير ثم أجاب عنه بقوله " من نطفة خلقه " يعني المني ومقصد الكلام تحقير الإنسان ومعناه أنه يجب عليه أن يعظم الرب الذي خلقه " فقدره " أي هيأه لما يصلح له ومنه خلق كل شئ فقدره تقديرا وقيل معناه جعله على مقدار معلوم في إعطائه وأجله ورزقه وغير ذلك " ثم السبيل يسره " نصب السبيل بفعل مضمر فسره يسره وفي معناه ثلاثة أقوال أحدها يسر سبيل خروجه من بطن أمه والآخر أنه سبيل الخير والشر لقوله إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا الثالث سبيل النظر السديد المؤدي إلى الإيمان والأول أرجح لعطفه على قوله من نطفة خلقه فقدره وهو قول ابن عباس " ثم أماته فأقبره " أي جعله ذا قبر يقال قبرت الميت إذا دفنته وأقبرته إذا أمرت أن يدفن " ثم إذا شاء أنشره " أي بعثه من قبره يقال نشر االميت إذا قام وأنشره الله والإشارة بإذا شاء ليوم القيامة أي الوقت الذي يقدر أن ينشره فيه " كلا " ردع للإنسان عما هو فيه " لما يقض ما أمره " أي لم يقض الإنسان على تطاول عمره ما أمره الله قال بعضهم لا يقضى أحد أبدا جميع ما افترض الله عليه إذ لا بد للعبد من تفريط " فلينظر الإنسان إلى طعامه " أمر بالاعتبار في الطعام كيف خلقه الله بقدرته ويسره برحمته فيجب على العبد طاعته وشكره ويقبح معصيته والكفر به وقيل فلينظر إلى طعامه إذا صار رجيعا فينظر حقارة الدنيا وخساسة نفسه والأول أشهر وأظهر في معنى الآية على أن القول الثاني صحيح وانظر كيف فسره بقوله أنا صببنا الماء صبا وما بعده ليعدد النعم ويظهر القدرة وقريء أنا صببنا الماء بفتح الهمزة على البدل من الطعام " ثم شققنا الأرض " يعني يخرج النبات منها " حبا " يعني القمح والشعير وسائر الحبوب " وقضبا " قيل هي الفصفصة وقيل هي علف البهائم واختار ابن عطية أنها البقول وشبهها مما يؤكل رطبا " غلبا " أي غليظة ناعمة " وأبا " الأب المرعي عند ابن عباس والجمهور وقيل التبن وقد توقف
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»