التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ١٨٢
بهذا لقوله شديد القوى ذو مرة * (عند ذي العرش) * يتعلق بذى قوة وقيل بمكين وهذا أظهر والمكين الذي له مكانة أي جاه وتقريب * (مطاع ثم أمين) * هذا الظرف إشارة إلى الظرف المذكور قبله وهو عند ذي العرش أي مطاع في ملائكة ذي العرش * (وما صاحبكم بمجنون) * هو محمد صلى الله عليه وسلم باتفاق * (ولقد رآه بالأفق المبين) * ضمير الفاعل لمحمد صلى الله عليه وسلم وضمير المفعول لجبريل عليه السلام وهذه الرؤية له بغار حراء على كرسي بين السماء والأرض وقيل الرؤية التي رآه عند سدرة المنتهى في الإسراء ووصف هذا الأفق بالمبين لأنه روى أنه كان في المشرق من حيث تطلع الشمس وأيضا فكل أفق فهو مبين * (وما هو على الغيب بضنين) * الضمير للنبي صلى الله عليه وسلم ومن قرأ بالضاد فمعناه بخيل أي لا يبخل بأداء ما ألقى إليه من الغيب وهو الوحي ومن قرأ بالظاء فمعناه متهم أي لا يتهم على الوحي بل هو أمين عليه ورجح بعضهم هذه القراءة بأن الكفار لم ينسبوا محمدا صلى الله عليه وسلم إلى البخل بالوحي بل اتهموه فنفى عنه ذلك * (وما هو بقول شيطان رجيم) * الضمير للقرآن * (فأين تذهبون) * خطاب لكفار قريش أي ليس لكم زوال عن هذه الحقائق وقد تقدم تفسير بقية السورة في نظائره فيما تقدم سورة الانفطار * (إذا السماء انفطرت) * أي انشقت * (وإذا الكواكب انتثرت) * أي سقطت من مواضعها * (وإذا البحار فجرت) * أي فرغت وقيل فجر بعضها إلى بعض فاختلط * (وإذا القبور بعثرت) * أي نبشت على الموتى الذين فيها وقال الزمخشري أصله من البعث والبحث فضمت إليها الراء والمعنى بحثت وأخرج موتاها * (علمت نفس ما قدمت وأخرت) * هذا هو الجواب ومعناه علمت كل نفس جميع أعمالها وقيل ما قدمت في حياتها وما أخرت مما تركته بعد موتها من سنة سنتها أو وصية أوصت بها وأفردت النفس والمراد به العموم حسبما ذكرنا في التكوير * (يا أيها الإنسان) * خطاب لجنس بني آدم * (ما غرك بربك الكريم) * هذا توبيخ وعتاب معناه أي شئ غرك بربك حتى كفرت به أو عصيته أو غفلت عنه فدخل في العتاب الكفار وعصاة المؤمنين ومن يغفل عن الله في بعض الأحيان من الصالحين وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ ما غرك بربك الكريم فقال غره جهله وقال عمر غره جهله وحمقه وقرأ إنه كان ظلوما جهولا وقيل غره الشيطان المسلط عليه وقيل غره ستر الله عليه وقيل غره طمعه في عفو الله عنه ولا تعارض بين هذه الأقوال لأن كل واحد
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»