عنه أنه في بئر هناك وحكى كعب عن التوراة أنه في شجرة سوداء هنالك وقال ابن عطية يحتمل أن يكون معنى الآية أن عدد الفجار في سجين أي كتبوا هنالك في الأزل * (أساطير الأولين) * قد ذكر * (بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) * أي غطى على قلوبهم ما كسبوا من الذنوب فطمس بصائرهم فصاروا لا يعرفون الرشد من الغي وفي الحديث أن العبد إذا أذنب ذنبا صارت نكتة سوداء في قلبه فإذا زاد ذنب آخر زاد السواد فلا يزال كذلك حتى يتغطى وهو الرين * (لمحجوبون) * حجب الكفار عن الله على أن المؤمنين لا يحجبون وقد استدل بها مالك والشافعي على صحة رؤية المؤمن لله في الآخرة وتأولها المعتزلة أن معناها محجوبون عن رحمته * (إن كتاب الأبرار لفي عليين) * عليون اسم علم للكتاب الذي تكتب فيه الحسنات وهذا جمع منقول من صفة على وزن فعيل للمبالغة وقد عظمه بقوله * (وما أدراك ما عليون) * ثم فسره بقوله كتاب مرقوم وهو مشتق من العلو لأنه سبب في ارتفاع الدرجات في الجنة أو لأنه مرفوع في مكان على فقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تحت العرش وقال ابن عباس هو الجنة وارتفع كتاب مرقوم في الموضعين على أنه خبر مبتدأ مضمر تقديره هو كتاب وقال ابن عطية كتاب مرقوم خبر إن والظرف ملغي وهذا تكلف يفسد به المعنى وقد روى في الأثر ما روى في الآية وهو أن الملائكة تصعد بصحيفة فيها عمل العبد فإن رضيه الله قال اجعلوه في عليين وإن لم يرضه قال اجعلوه في سجين * (يشهده المقربون) * يعني الملائكة المقربين * (الأرائك) * قد ذكر * (ينظرون) * روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ينظرون إلى أعدائهم في النار وقيل ينظرون إلى الجنة وما أعطاهم الله فيها * (نضرة النعيم) * أي بهجته ورونقه كما يرى في وجوه أهل الرفاهية والعافية والخطاب في تعرف للنبي صلى الله عليه وسلم أو لكل مخاطب من غير تعيين * (يسقون من رحيق مختوم) * الرحيق الخمر الصافية والمختوم فسره الله بأن ختامه مسك وقرئ ختامه بألف بعد التاء وخاتمه بألف بعد الخاء وبفتح التاء وكسرها وفي معناه ثلاثة أقوال أحدها أنه من الختم على الشئ بمعنى جعل الطابع عليه فالمعنى أنه ختم على فم الإناء الذي هو فيه بالمسك كما يختم على أفواه آنية الدنيا بالطين إذا قصد حفظها وصيانتها الثاني أنه من ختم الشئ أي تمامه فمعناه خاتم شربه مسك أي يجد الشارب عند آخر شربه رائحة المسك ولذته الثالث أن معناه مزاجه مسك أي يمزج الشراب بالمسك وهذا خارج عن اشتقاق اللفظ * (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) * التنافس في الشئ هو الرغية فيه والمغالاة في طلبه والتزاحم عليه * (ومزاجه من تسنيم) * تسنيم اسم لعين في الجنة يشرب منها المقربون صرفا ويمزج منه الرحيق الذي يشرب منه الأبرار فدل
(١٨٥)