ويسترها بظلامه * (والقمر إذا اتسق) * أي إذا كمل ليلة أربعة عشر ووزن اتسق افتعل وهو مشتق من الوسق فكأنه امتلأ نورا وفي الآية من أدوات البيان لزوم مالا يلزم لالتزام السين قبل القاف في وسق واتسق " لتركبن طبقا على طبق " الطبق في اللغة له معنيان أحدهما ما طابق غيره يقال هذا طبق لهذا إذا طابقه والآخر جمع طبقة فعلى الأول يكون المعنى لتركبن حالا بعد حال كل واحدة منها مطابقة للأخرى وعلى الثاني يكون المعنى لتركبن أحوالا بعد أحوال هي طبقات بعضها فوق بعض ثم اختلف في تفسير هذه الأحوال وفي قراءة تركبن فأما من قرأ بضم الباء فهو خطاب لجنس الإنسان وفي تفسير الأحوال على هذا ثلاثة أقوال أحدها أنها شدائد الموت ثم البعث ثم الحساب ثم الجزاء والآخر أنها كون الانسان نطفة ثم علقة إلى أن يخرج إلى الدنيا ثم إلى أن يهرم ثم يموت والثالث لتركبن سنن من كان قبلكم وأما من قرأ تركبن بفتح الباء فهو خطاب للإنسان على المعاني الثلاثة التي ذكرنا وقيل هي خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ثم اختلف القائلون بهذا على ثلاثة أقوال أحدها لتركبن مكابدة الكفار حالا بعد حال والآخر لتركبن فتح البلاد شيئا بعد شئ والثالث لتركبن السماوات في الاسراء بعد سماء وقوله عن طبق في موضع الصفة لطبقا أو في موضع حال من الضمير في تركبن قاله الزمخشري " فمالهم لا يؤمنون " الضمير لكفار قريش والمعنى أي شئ يمنعهم من الايمان * (وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون) * هذا موضع سجدة عند الشافعي وغيره لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فيها وليست عند مالك من عزائم السجدات * (الذين كفروا) * يعني المذكورين ووضع الظاهر موضع الضمير ليصفهم بالكفر * (والله أعلم بما يوعون) * أي بما يجمعون في صدورهم من الكفر والتكذيب أو بما يجمعون في صحائفهم يقال أو عيت المال وغيره إذا جمعته * (فبشرهم بعذاب أليم) * وضع البشارة في موضع النذارة تهكما بهم * (إلا الذين آمنوا) * يعني من قضى له بالإيمان من هؤلاء الكفار فالاستثناء على هذا متصل وإلى هذا أشار ابن عطية وقال الزمخشري هو منقطع * (أجر غير ممنون) * قد ذكر سورة البروج * (والسماء ذات البروج) * البروج هي المنازل المعروفة وهي اثنا عشر تقطعها الشمس في السنة وقيل هي النجوم العظام لأنها تتبرج أي تظهر * (واليوم الموعود) * هو يوم القيامة باتفاق وقد ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم * (وشاهد ومشهود) * يحتمل الشاهد والمشهود أن يكون من الشهادة على الأمر أو يكون من معنى الحضور وحذف المعمول وتقديره مشهود عليه أو مشهود به أو مشهود فيه وقد اضطرب الناس في تفسير الشاهد والمشهود اضطرابا عظيما ويتلخص من أقوالهم في الشاهد ستة عشر قولا يقابلها في المشهود اثنان وثلاثون قولا الأول أن الشاهد هو الله تعالى لقوله وكفى بالله شهيدا والمشهود على هذا يحتمل
(١٨٨)