التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ١٦٦
إذا بلغت التراقي والمساق مصدر من السوق كقوله إلى الله المصير * (فلا صدق ولا صلى) * لا هنا نافية وصدق هنا يحتمل أن يكون من التصديق بالله ورسله أو من الصدقة ونزلت هذه الآية وما بعدها في أبى جهل * (يتمطى) * أي يتبختر في مشيته وذلك عبارة عن التكبر والخيلاء وكانت هذه المشية معروفة في بني مخزوم الذين كان أبو جهل منهم * (أولى لك) * وعيد وتهديد * (فأولى) * وعيد ثان ثم كرر ذلك تأكيدا وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبب أبا جهل وقال له إن الله يقول لك أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى فنزل القرآن بموافقة ذلك * (أيحسب الإنسان أن يترك سدى) * هذا توبيخ ومعناه أيظن أن يترك من غير بعث ولا حساب ولا جزاء فهو كقوله أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا والانسان هنا جنس وقيل نزلت في أبى جهل ولا يبعد أن يكون سببها خاصا ومعناها عام * (ألم يك نطفة من مني يمنى) * النطفة النقطة وتمنى من قولك أمنى الرجل ومعنى الآية الاستدلال بخلقة الانسان على بعثه كقوله قل يحييها الذي أنشأها أول مرة والعلقة الدم لأن المني يصير في الرحم دما * (فخلق فسوى) * أي خلقه بشرا فسوى صورته أي أتقنها * (أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) * هذا تقرير واحتجاج وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ آخر هذه السورة قال بلى وفي رواية سبحانك اللهم بلى سورة الإنسان * (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا) * هل هنا بمعنى التقرير لا لمجرد الاستفهام وقيل هل بمعنى قل والانسان هنا جنس والحين الذي أتى عليه حين كان معدوما قبل أن يخلق وقيل الانسان هنا آدم والحين الذي أتى عليه حين كان طينا قبل أن ينفخ فيه الروح وهذا ضعيف لوجهين أحدهما قوله * (إنا خلقنا الإنسان من نطفة) * وهو هنا جنس باتفاق إذ لا يصح هنا في آدم والآخر أن مقصد الآية تحقير الإنسان * (من نطفة أمشاج) * أي أخلاط واحدها مشج بفتح الميم والشين وقيل مشج بوزن عدل وقال الزمخشري ليس أمشاج بجمع وإنما هو مفرد كقولهم برمة أعشار ولذلك أوقع صفة للمفرد واختلف في معنى الأخلاط هنا فقيل اختلاط الدم والبلغم والصفراء والسوداء وقيل اختلاط ماء الرجل والمرأة وروى أن عظام الإنسان وعصبه من ماء الرجل وأن لحمه وشحمه من ماء المرأة وقيل معناه ألوان وأطوار أي يكون نطفة ثم علقة ثم مضغة * (نبتليه) * أي نختبره وهذه الجملة في موضع الحال أي خلقناه مبتلين له وقيل
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»