التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ١٧٣
سحر وقول بعضهم شعر وكهانة وغير ذلك وإن كان الضمير لجميع الناس فاختلافهم أن منهم المؤمن والكافر * (كلا سيعلمون) * ردع وتهديد ثم كرره للتأكيد * (ألم نجعل الأرض مهادا) * أي فراشا وإنما ذكر الله تعالى هنا هذه المخلوقات على جهة التوقيف ليقيم الحجة على الكفار فيما أنكروه من البعث كأنه يقول إن الإله الذي قدر على خلقة هذه المخلوقات العظام قادر على إحياء الناس بعد موتهم ويحتمل أنه ذكرها حجة على التوحيد لأن الذي خلق هذه المخلوقات هو الإله وحده لا شريك له * (والجبال أوتادا) * شبهها بالأوتاد لأنها تمسك الأرض أن تميد * (وخلقناكم أزواجا) * أي من زوجين ذكرا وأنثى وقيل معناه أنواعا في ألوانكم وصوركم وألسنتكم * (وجعلنا نومكم سباتا) * أي راحة لكم وقيل معناه قطعا للأعمال والتصرف والسبت القطع وقيل معناه موتا لأن النوم هو الموت الأصغر ومنه قوله تعالى * (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها) * * (وجعلنا الليل لباسا) * شبهه بالثياب التي تلبس لأنه ستر عن العيون * (وجعلنا النهار معاشا) * أي تطلب فيه المعيشة فهو على حذف مضاف تقديره ذا معاش وقال الزمخشري معناه يعاش فيه فجعله بمعنى الحياة في مقابلة السبات الذي بمعنى الموت * (وبنينا فوقكم سبعا شدادا) * يعني السماوات * (وجعلنا سراجا وهاجا) * يعني الشمس والوهاج الوقاد الشديد الإضاءة وقيل الحار الذي يضطرم من شدة لهبه * (وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا) * يعني المطر والمعصرات هي السحاب وهو مأخوذ من العصر لأن السحاب ينعصر فينزل منه الماء أو من العصرة بمعنى الإغاثة ومنه وفيه يعصرون وقيل هي السماوات وقيل الرياح والثجاج السريع الاندفاع * (لنخرج به حبا ونباتا) * الحب هو القمح والشعير وسائر الحبوب والنبات هو العشب * (وجنات ألفافا) * أي ملتفة وهو جمع لف بضم اللام وقيل بالكسر وقيل لا واحد له * (كان ميقاتا) * أي في وقت معلوم * (يوم ينفخ في الصور) * يعني نفخة القيام من القبور * (فتأتون أفواجا) * أي جماعات * (فكانت أبوابا) * أي تنفتح فتكون فيها شقاق كالأبواب * (وسيرت الجبال) * أي حملت * (فكانت سرابا) * عبارة عن تلاشيها وفنائها والسراب في اللغة ما يظهر على البعد أنه ماء وليس ذلك المراد هنا وإنما هو تشبيه في أنه لا شئ * (مرصادا) * أي موضع المرصد والرصد هو الارتقاب والانتظار أي تنتظر الكفار ليدخلوها وقيل معناه طريقا للمؤمنين يمرون عليه إلى الجنة لأن الصراط منصوب على جهنم * (مآبا) * أي مرجعا * (لابثين فيها أحقابا) * جمع حقبة أو حقب وهي المدة الطويلة من الدهر غير محدودة وقيل إنها محدودة ثم اختلف في مقدارها فروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها ثمانون ألف سنة وقال ابن عباس ثلاثون سنة وقيل ثلاثمائة سنة وعلى القول بالتحديد فالمعنى أنهم يبقون فيها أحقابا كلما انقضى حقب جاء آخر إلى
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»