التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٤ - الصفحة ١٤٠
هذا العذاب الذي ينزل بأهل الجنة ينزل بقريش * (أفنجعل المسلمين كالمجرمين) * الهمزة للإنكار أي كيف يسوي الله بين المسلمين والمجرمين بل يجازي كل أحد بعمله والمراد بالمجرمين هنا الكفار * (مالكم) * توبيخ للكفار وما مبتدأ ولكم خبره وتم الكلام هنا فينبغي أن يوقف عليه * (كيف تحكمون) * توبيخ آخر أي كيف تحكمون بأهوائكم وتقولون ما ليس لكم به علم * (إن لكم فيه لما تخيرون) * هذه الجملة معمول تدرسون وكان أصل إن الفتح وكسرت لأجل اللام التي في خبرها وتخيرون معناه تختارون لأنفسكم ومعنى الآية هل لكم كتاب من عند الله تدرسون فيه أن لكم ما تختارونه لأنفسكم * (أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون) * المعنى هل حلفنا لكم أيمانا أن لكم ما تحكمون ومعنى بالغة ثابتة واصلة إلى يوم القيامة وقوله إن لكم هو جواب القسم الذي يقتضيه الأيمان ولذلك أكده بأن واللام وما تحكمون هو اسم إن دخلت عليه اللام المؤكدة * (سلهم أيهم بذلك زعيم) * أي يا محمد اسأل قريشا أيهم زعيم بهذه الأمور والزعيم هو الضامن للأمر القائم به * (أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم) * هذا تعجيز للكفار ومعناه إن كان لكم شركاء يقدرون على شئ فأتوا بهم واختلف هل قوله فليأتوا بهم في الدنيا أي أحضروهم حتى يرى حالهم أو يقال لهم ذلك يوم القيامة والشركاء هم المعبودون من الأصنام وغيرها وقال الزمخشري معناه أم لكم ناس يشاركونكم في هذا القول ويوافقونكم عليه فأتوا بهم يعني أنهم لا يوافقهم أحد عليه والأول أظهر * (يوم يكشف عن ساق) * قال المتأولون ذلك عبارة عن هول يوم القيامة وشدته وفي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ينادي مناد يوم القيامة لتتبع كل أمة ما كانت تعبد فيتبع الشمس من كان يعبد الشمس ويتبع القمر من كان يعبد القمر ويتبع كل أحد ما كان يعبد ثم تبقى هذه الأمة وغبرات من أهل الكتاب معهم منافقوهم فيقال لهم ما شأنكم فيقولون ننتظر ربنا قال فيجيئهم الله في غير الصورة التي عرفوه فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك قال فيقول أتعرفونه بعلامة ترونها فيقولون نعم فيكشف لهم عن ساق فيقولون نعم أنت ربنا ويخرون للسجود فيسجد كل مؤمن وترجع أصلاب المنافقين عظما واحدا فلا يستطيعون سجودا وتأويل الحديث كتأويل الآية * (ويدعون إلى السجود) * تفسيره في الحديث الذي ذكرنا فإن قيل كيف يدعون في الآخرة إلى السجود وليست الآخرة دار تكليف فالجواب أنهم يدعون إليه على وجه التوبيخ لهم على تركهم السجود في الدنيا لا على وجه التكليف والعبادة * (وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون) * أي قد كانوا في الدنيا يدعون إلى السجود فيمتنعون منه وهم سالمون في أعضائهم قادرون عليه * (فذرني ومن يكذب بهذا الحديث) * تهديد للمكذبين بالقرآن وإعراب من يكذب مفعول
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»