الخلق وحياتهم وقيل الموت الدنيا لأن أهلها يموتون والحياة الآخرة لأنها باقية فهو كقوله * (وإن الدار الآخرة لهي الحيوان) * وهو على هذا وصف بالمصدر والأول أظهر * (ليبلوكم) * أي ليختبركم واختبار الله لعباده إنما هو لتقوم عليهم الحجة بما يصدر منهم وقد كان الله علم ما يفعلون قبل كونه والمعنى ليبلوكم فيجازيكم بما ظهر منكم * (أيكم أحسن عملا) * روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأها فقال أيكم أحسن عملا وأشدكم لله خوفا وأورع عن محارم الله وأسرع في طاعة الله * (سبع سماوات طباقا) * أي بعضها فوق بعض والطباق مصدر وصفت به السماوات أو على حذف مضاف تقديره ذوات طباق وقيل إنه جمع طبقة * (ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت) * أي من قلة تناسب وخروج عن الإتقان والمعنى أن خلقة السماوات في غاية الإتقان وقيل أراد خلقه جميع المخلوقات ولا شك أن جميع المخلوقات متقنة ولكن تخصيص الآية بخلقة السماوات أظهر لورودها بعد قوله خلق سبع سماوات طباقا فبان قوله ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت بيان وتكميل ما قبله والخطاب في قوله ما ترى وارجع البصر وما بعده للنبي صلى الله عليه وسلم أو لكل مخاطب ليعتبر * (فارجع البصر هل ترى من فطور) * الفطور الشقوق جمع فطر وهو الشق وإرجاع البصر ترديده في النظر ومعنى الآية الأمر بالنظر إلى السماء فلا يرى فيها شقاق ولا خلل بل هي ملئمة مستوية * (ثم ارجع البصر كرتين) * أي انظر نظرا بعد نظر للتثبت والتحقق وقال الزمخشري معنى التثنية في كرتين التكثير لا مرتين خاصة كقولهم لبيك فإن معناه إجابات كثيرة * (ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير) * الخاسئ هو المبعد عن الشئ الذي طلبه والحسير هو االكليل الذي أدركه التعب فمعنى الآية أنك إذا نظرت إلى السماء مرة بعد مرة لترى فيها شقاقا أو خلالا رجع بصرك ولم تر شيئا من ذلك فكأنه خاسئ لأنه لم يحصل له ما طلب من رؤية الشقاق والخلل وهو مع ذلك كليل من شدة النظر وكثرة التأمل * (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح) * السماء الدنيا هي القريبة منا والمصابيح يراد بها النجوم فإن كانت النجوم كلها في السماء الدنيا فلا إشكال وإن كانت في غيرها من السماوات فقد زينت السماء الدنيا لأنها ظاهرة فيها لنا ويحتمل أن يريد أنه زين السماء الدنيا بالنجوم التي فيها دون التي في غيرها على أن القول بموضع الكواكب وفي أي سماء هي لم يرد في الشريعة * (وجعلناها رجوما للشياطين) * أي جعلنا منها رجوما لأن الكواكب الثابتة ليست ترجم الشياطين فهو كقولك أكرمت بني فلان إذا أكرمت بعضهم والرجوم جمع رجم وهو مصدر سمى به ما يرجم به قال الزمخشري معنى كون النجوم رجوما للشياطين والشهب تنقض من النجوم لرجم الشياطين الذين يسترقون السمع من السماء فالشهب الراجمة منفصلة من نار الكواكب لا أن الراجمة هي الكواكب أنفسها لأنها ثابتة في الفلك قال قتادة خلق الله االنجوم لثلاثة أشياء زينة السماء ورجوم الشياطين ويهتدي بها في ظلمات البر والبحر * (وأعتدنا لهم عذاب السعير) * يعني للشياطين * (سمعوا لها شهيقا) * الشهيق أقبح ما يكون
(١٣٤)