التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ٥٠
بالشام فكتب إليه بسم الله الرحمن الرحيم لمحمد رسول الله من فروة بن عمر إني مقر بالإسلام مصدق أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله وأنه الذي بشر به عيسى ابن مريم عليه السلام فأخذه هرقل لما بلغه إسلامه وسجنه فقال والله لا أفارق دين محمد أبدا فإنك تعرف إنه النبي الذي بشر به عيسى ابن مريم ولكنك حرصت على ملكك وأحببت بقاءه فقال قيصر صدق والإنجيل يشهد لهذا ما خرجه البخاري ومسلم من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل وسؤال هرقل عن أحواله وأخلاقه صلى الله عليه وسلم فلما أخبر بها علم أنه رسول الله وقال إنه يملك موضع قدمي ولو خلصت إليه لغسلت قدميه ومن حديث زيد بن أسلم عن أبيه وهو عندنا بالإسناد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج زمان الجاهلية مع ناس من قريش في التجارة إلى الشام قال فإني لفي سوق من أسواقها إذا أنا ببطريق قد قبض على عنقي فذهبت أنازعه فقيل لي لا تفعل فإنه لا نصيف لك منه فأدخلني كنيسة فإذا تراب عظيم ملقى فجاءني بزنبيل ومجرفة فقال لي أنقل ما ههنا فجعلت أنظر كيف أصنع فلما كان من الهاجرة وافاني وعليه ثوب أرى سائر جسده منه فقال أئنك على ما أرى ما نقلت شيئا ثم جمع يديه فضرب بهما دماغي فقلت واثكل أمك يا عمر أبلغت ما أرى ثم وثبت إلى المجرفة فضربت بها هامته فنشرت دماغه ثم واريته في التراب وخرجت على وجهي لا أدري أين أسير فسرت بقية يومي وليلتي من العد إلى الهاجرة فانتهيت إلى دير فاستظللت بفنائه فخرج إلي رجل منه فقال لي يا عبد الله ما يقعدك هنا فقلت أضللت أصحابي فقال لي ما أنت على طريق وإنك لتنظر بعيني خائف فادخل فأصب من الطعام واسترح فدخلت فأتاني بطعام وشراب وأطعمني ثم صعد في النظر وصوبه فقال قد علم والله أهل الكتاب أنه ما على الأرض أعلم بالكتاب مني وإني لأرى صفتك الصفة التي تخرجنا من هذا الدير وتغلبنا عليه فقلت يا هذا لقد ذهبت بي في غير مذهب فقال لي ما اسمك فقلت عمر ابن الخطاب فقال أنت والله صاحبنا فاكتب لي على ديري هذا وما فيه فقلت يا هذا إنك قد صنعت إلي صنيعة فلا تكررها فقال إنما هو كتاب في رق فإن كنت صاحبنا فذلك وإلا لم يضرك شيء فكتب له على ديره وما فيه فأتاني بثياب ودراهم فدفعها إلي ثم أو كف أتانا فقال لي أتراها فقلت نعم قال سر عليها فإنك لا تمر بقوم إلا سقوها وعلفوها وأضافوك فإذا بلغت مأمنك فاضرب وجهها مدبرة فإنهم يفعلون بها كذلك حتى ترجع إلي قال فركبتها فكان كما قال حتى لحقت بأصحابي وهم متوجهون إلى الحجاز فضربتها مدبرة وانطلقت معهم فلما وافى عمر الشام في زمان خلافته جاءه ذلك الراهب بالكتاب وهو صاحب دير العرس فلما رآه عرفه فقال قد جاء مالا مذهب لعمر عنه ثم أقبل على أصحابه فحدثهم بحديثه فلما فرغ منه اقبل على الراهب فقال هل عندكم من نفع للمسلمين قال نعم يا أمير المؤمنين قال إن أضفتم المسلمين ومرضتموهم وأرشدتموهم فعلنا ذلك قال نعم يا أمير المؤمنين فوفى له عمر رضي الله عنه ورحمه وعن سيف يرفعه إلى سالم بن عبد الله قال لما دخل عمر الشام تلقاه رجل من يهود دمشق فقال السلام عليك يا فاروق أنت صاحب إيلياء والله لا ترجع حتى يفتح الله إيلياء ومن ذلك أن عمرو بن العاص قدم المدينة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أرسله إلى عمان واليا عليها فجاءه يوما يهودي من يهود عمان فقال له أنشدك بالله من أرسلك إلينا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اليهودي والله إنك لتعلم أنه
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»