ومن ذلك ما في التوراة مما أجمع عليه أهل الكتاب وهو باق بأيديهم إلى الآن إن الملك نزل على إبراهيم فقال له في هذا العام يولد لك غلام اسمه إسحاق فقال إبراهيم يا رب ليت إسماعيل يعيش يخدمك فقال الله لإبراهيم ذلك لك قد استجيب لك في إسماعيل وأنا أباركه وأنميه وأكبره وأعظمه بماذ ماذ وتفسير هذه الحروف محمد ومن ذلك في التوراة إن الرب تعالى جاء في طور سيناء وطلع من ساعد وظهر من جبال فاران ويعني بطور سيناء موضع مناجاة موسى عليه السلام وساعد موضع عيسى وفاران هي مكة موضع مولد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومبعثه ومعنى ما ذكر من مجىء الله وطلوعه وظهوره هو ظهور دينه على يد الأنبياء الثلاثة المنسوبين لتلك المواضع وتفسير ذلك ما في كتاب شعيا خطابا لمكة قومي فأزهري مصباحك فقد دنا وقتك وكرامة الله طالعة عليك فقد تخلل الأرض الظلام وعلا على الأمم المصاب والرب يشرق عليك إشراقا ويظهر كرامة عليك تسير الأمم إلى نورك والملوك إلى ضوء طلوعك ارفعي بصرك إلى ما حولك وتأملي فإنهم مستجمعون عندك وتحج إليك عساكر الأمم وفي بعض كتبهم لقد تقطعت السماء من بهاء محمد المحمود وامتلأت الأرض من حمده لأنه ظهر بخلاص أمته ومن ذلك في التوراة أن هاجر أم إسماعيل لما غضبت عليها سارة تراء لها ملك فقال لها يا هاجر أين تريدين ومن اين أقبلت فقالت أهرب من سيدتي سارة فقال لها ارجعي إلى سارة وستحبلين وتلدين ولدا اسمه إسماعيل وهو يكون عين الناس وتكون يده فوق الجميع وتكون يد الجميع مبسوطة إليه بالخضوع ووجه دلالة هذا الكلام على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أن هذا الذي وعدها به الملك من أن يد ولدها فوق الجميع وأن يد الجميع مبسوطة إليه بالخضوع إنما ظهرت بمبعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم وظهور دينه وعلو كلمته ولم يكن ذلك لإسماعيل ولا لغيره قبل محمد صلى الله عليه وسلم ومن ذلك أيضا في التوراة أن الرب يقيم لهم نبيا من إخوتهم وأي رجل لم يسمع ذلك الكلام الذي يؤديه ذلك النبي عن الله فينتقم الله منه ودلالة هذا الكلام ظاهرة بأن أولاد إسماعيل هم إخوة أولاد إسحاق وقد انتقم الله من اليهود الذين لم يسمعوا كلام محمد صلى الله عليه وسلم كبني قريظة وبني قينقاع وغيرهم ومن ذلك في التوراة إن الله أوحى إلى إبراهيم عليه السلام وقد أجبت دعاءك في إسماعيل وباركت عليه وسيلد اثني عشر عظيما وأجعله لأمة عظيمة ومن ذلك في الإنجيل أن المسيح قال للحواريين إني ذاهب عنكم وسيأتيكم الفار قليط الذي لا يتكلم من قبل نفسه إنما يقول كما يقال له وبهذا وصف الله سبحانه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في قوله * (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) * وتفسير الفار قليط أنه مشتق من الحمد واسم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم محمد وأحمد وقيل معنى الفار قليط الشافع المشفع ومن ذلك في التوراة مولده بمكة أو مسكنه بطيبة وأمته الحمادون وبيان ذلك أن أمته يقرؤن الحمد لله في صلاتهم مرارا كثيرة في كل يوم وليلة وعن شهر بن حوشب مثل ذلك في إسلام كعب الأحبار وهو من اليمن من حمير أن كعبا أخبره بأمره وكيف كان ذلك وقيل كان أبوه من مؤمني أهل التوراة برسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من عظمائهم وخيارهم قال كعب وكان من أعلم الناس بما
(٤٨)