خلافا لمن قال إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص وإن زيادته إنما هي بالعمل * (لهم درجات) * يعني في الجنة * (كما أخرجك ربك) * فيه ثلاث تأويلات أحدها أن تكون الكاف في موضع رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره هذه الحال كحال إخراجك يعني أن حالهم في كراهة تنفيل الغنائم كحالهم في حالة خروجك للحرب والثاني أن يكون في موضع الكاف نصب على أنه صفة لمصدر الفعل المقدر في قوله الأنفال لله والرسول أي استقرت الأنفال لله والرسول استقرارا مثل استقرار خروجك والثالث أن تتعلق الكاف بقوله يجادلونك * (من بيتك) * يعني مسكنه بالمدينة إذ أخرجه الله لغزوة بدر * (وإن فريقا من المؤمنين لكارهون) * أي كرهوا قتال العدو وذلك أن عير قريش أقبلت من الشام فيها أموال عظيمة ومعها أربعون راكبا فأخبر بذلك جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فخرج بالمسلمين فسمع بذلك أهل مكة فاجتمعوا وخرجوا في عدد كثير ليمنعوا عيرهم فنزل جبريل عليه السلام فقال يا محمد إن الله قد وعدكم إحدى الطائفتين إما العير وإما قريش فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فقالوا العير أحب إلينا من لقاء العدو فقال إن العير قد مضت على ساحل البحر وهذا أبو جهل قد أقبل فقال له سعد بن عبادة امض لما شئت فإنا متبعوك وقال سعد بن معاذ والذي بعثك بالحق لو خضت هذا البحر لخضناه معك فسر بنا على بركة الله * (يجادلونك في الحق بعد ما تبين) * كان جدالهم في لقاء قريش بإيثارهم لقاء العير إذ كانت أكثر أموالا وأقل رجالا وتبين الحق هو إعلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم ينصرون * (كأنما يساقون إلى الموت) * تشبيه لحالهم في إفراط جزعهم من لقاء قريش * (وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين) * يعني قريش أو عيرهم والعامل في إذ محذوف تقديره اذكروا * (أنها لكم) * بدل من إحدى الطائفتين * (وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم) * الشوكة عبارة عن السلاح سميت بذلك لحدتها والمعنى تحبون أن تلقوا الطائفة التي لا سلاح لها وهي العير * (أن يحق الحق) * يعني يظهر الإسلام بقتل الكفار وإهلاكهم يوم بدر * (ليحق الحق) * متعلق بمحذوف تقديره ليحق الحق ويبطل الباطل فعل ذلك وليس تكرارا للأول لأن الأول مفعول يريد وهذا تعليل لفعل الله تعالى ويحتمل أن يريد بالحق الأول الوعد بالنصرة وبالحق الثاني الإسلام فيكون المعنى أن نصرهم ليظهر الإسلام ويؤيد هذا قوله ويبطل الباطل أي يبطل الكفر * (إذ تستغيثون ربكم) * إذ بدل من إذ يعدكم وقيل يتعلق بقوله ليحق الحق أو بفعل مضمر واستغاثتهم دعاؤهم بالغوث والنصر * (ممدكم) * أي مكثركم * (مردفين) * من قولك ردفه إذا تبعه وأردفته إياه إذا أتبعته إياه والمعنى يتبع بعضهم بعضا فمن قرأه بفتح الدال فهو اسم مفعول ومن قرأه بالكسر فهو
(٦١)