التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ٥٥
كما أن لهث الكلب على كل حال وقيل إن ذلك الرجل خرج لسانه على صدره فصار مثل الكلب في صورته ولهثه حقيقة * (ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا) * أي صفة المكذبين كصفة الكلب في لهثه وكصفة الرجل المشبه به لأنهم إن أنذروا لم يهتدوا وإن تركوا لم يهتدوا وشبههم بالرجل في أنهم رأوا الآيات والمعجزات فلم تنفعهم كما أن الرجل لم ينفعه ما كان عنده من الآيات " ساء مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم " الآية قدم هذا المفعول للاختصاص والحصر * (كثيرا من الجن والإنس) * هم الذين علم الله أنهم يدخلون النار بكفرهم فأخبر أنه خلقهم لذلك كما جاء في قوله هؤلاء للجنة ولا أبالي وهؤلاء للنار ولا أبالي * (لا يبصرون بها) * ليس المعنى نفي السمع والبصر جملة وإنما المعنى نفيها عما ينفع في الدين * (ولله الأسماء الحسنى) * قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله تسعة وتسعون اسما من أحصاها دخل الجنة وسبب نزول الآية أن أبا جهل لعنه الله سمع بعض الصحابة يقرأ فيذكر الله مرة والرحمن أخرى فقال يزعم محمد أن الإله واحد وها هو يعبد آلهة كثيرة فنزلت الآية مبينة أن تلك الأسماء الكثيرة هي لمسمى واحد والحسنى مصدر وصف به أو تأنيث أحسن وحسن أسماء الله هي أنها صفة مدح وتعظيم وتحميد * (فادعوه بها) * أي سموه بأسمائه وهذا إباحة لإطلاق الأسماء على الله تعالى فأما ما ورد منها في القرآن أو الحديث فيجوز إطلاقه على الله إجماعا وأما ما لم يرد وفيه مدح لا تتعلق به شبهة فأجاز أبو بكر بن الطيب إطلاقه على الله ومنع ذلك أبو الحسن الأشعري وغيره ورأوا أن أسماء الله موقوفة على ما ورد في القرآن والحديث وقد ورد في كتاب الترمذي عدتها أعني تعيين التسعة والتسعين واختلف المحدثون هل تلك الأسماء المعدودة فيه مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو موقوفة على أبي هريرة وإنما الذي ورد في الصحيح كونها تسعة وتسعين من غير تعيين * (وذروا الذين يلحدون في أسمائه) * قيل معنى ذروا اتركوهم لا تحاجوهم ولا تتعرضوا لهم فالآية على هذا منسوخة بالقتال وقيل معنى ذروا الوعيد والتهديد كقوله وذرني والمكذبين وهو الأظهر لما بعده وإلحادهم في أسماء الله هو ما قال أبو جهل فنزلت الآية بسببه وقيل تسميته بما لا يليق وقيل تسمية الأصنام باسمه كاشتقاقهم اللات من الله والعزى من العزيز * (وممن خلقنا أمة) * الآية روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذه الآية لكم وقد تقدم مثلها لقوم موسى * (سنستدرجهم) * الاستدراج استفعال من الدرجة أي نسوقهم إلى الهلاك شيئا بعد شيء وهم لا يشعرون
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»