خاسئين) ذكر في البقرة والمعنى أنهم عذبوا أولا بعذاب شديد فعتوا بذلك فمسخوا قردة وقيل فلما عتوا تكرار لقوله فلما نسوا والعذاب البئيس هو المسخ * (تأذن ربك) * عزم وهو من الإيذان بمعنى الإعلام * (ليبعثن عليهم) * الآية أي يسلط عليهم ومن ذلك أخذ الجزية وهو أنهم في جميع البلاد * (وقطعناهم في الأرض) * أي فرقناهم في البلاد ففي كل بلدة فرقة منهم فليس لهم إقليم يملكونه * (منهم الصالحون) * هم من أسلم كعبد الله بن سلام أو من كان صالحا من المتقدمين منهم * (بالحسنات والسيئات) * أي بالنعم والنقم * (فخلف من بعدهم خلف) * أي حدث بعدهم قوم سوء والخلف بسكون اللام ذم وبفتحها مدح والمراد من حدث من اليهود بعد المذكورين وقيل المراد النصارى * (يأخذون عرض هذا الأدنى) * أي عرض الدنيا * (ويقولون سيغفر لنا) * ذلك اغترار منهم وكذب * (وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه) * الواو للحال يرجون المغفرة وهم يعودون إلى مثل فعلهم " ميثاق الكتاب ألا يقولوا على الله إلا الحق " إشارة إلى كذبهم في قولهم سيغفر لنا وإعراب ألا يقولوا عطف بيان على ميثاق الكتاب أو تفسير له أو تكون أن حرف عبارة وتفسير * (والذين يمسكون بالكتاب) * قرئ بالتشديد والتخفيف وهما بمعنى واحد وإعراب الذين عطف على الذين يتقون أو مبتدأ وخبره إنا لا نضيع أجر المصلحين وأقام ذكر المصلحين مقام الضمير لأن المصلحين هم الذين يمسكون بالكتاب * (وإذ نتقنا الجبل فوقهم) * أي اقتلعنا الجبل ورفعناه فوق بني إسرائيل وقلنا لهم خذوا التوراة حين أبوا من أخذها وقد تقدم في البقرة تفسير الظلة وخذوا ما آتيناكم بقوة * (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم) * الآية في معناها قولان أحدهما أن الله لما خلق آدم أخرج ذريته من صلبه وهم مثل الذر وأخذ عليهم العهد بأنه ربهم فأقروا بذلك والتزموه روي هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق كثيرة وقال به جماعة من الصحابة وغيرهم والثاني أن ذلك من باب التمثيل وأن أخذ الذرية عبارة عن إيجادهم في الدنيا وأما إشهادهم فمعناه أن الله نصب لبني آدم الأدلة على ربوبيته فشهدت بها عقولهم فكأنه أشهدهم على أنفسهم وقال لهم ألست بربكم وكأنهم قالوا بلسان الحال بلى أنت ربنا والأول هو الصحيح لتواتر الأخبار به إلا أن ألفاظ الآية لا تطابقه بظاهرها فلذلك عدل عنه من قال بالقول الآخر وإنما تطابقه بتأويل وذلك أن أحد الذرية إنما كان من صلب آدم ولفظ الآية يقتضي أن أخذ الذرية من بني آدم والجمع
(٥٣)