أن يخلقهم الله خلقا جديدا بعد فنائهم والرفات الذي بلي حتى صار غبارا أو رفاتا وقد ذكر في الرعد اختلاف القراء في الاستفهامين * (قل كونوا حجارة أو حديدا) * المعنى لو كنتم حجارة أو حديدا لقدرنا على بعثكم وإحيائكم مع أن الحجارة والحديد أصلب الأشياء وأبعدها عن الرطوبة التي في الحياة فأولى وأحرى أن يبعث أجسادكم ويحيي عظامكم البالية فذكر الحجارة والحديد تنبيها بهما على ما هو أسهل في الحياة منهما ومعنى قوله كونوا أي كونوا في الوهم والتقدير وليس المراد به التعجيز كما قال بعضهم في ذلك * (أو خلقا مما يكبر في صدوركم) * قيل يعني السماوات والأرض والجبال وقيل بل أحال على فكرتهم عموما في كل ما هو كبير عندهم أي لو كنتم حجارة أو حديدا أو شيئا أكبر عندكم من ذلك وأبعد عن الحياة لقدرنا على بعثكم " فسينغضون إليك رؤسهم " أي يحركونها تحريك المستبعد للشيء والمستهزئ * (ويقولون متى هو) * أي متى يكون البعث * (يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده) * الدعاء هنا عبارة عن البعث بالنفخ في الصور والاستجابة عبارة عن قيامهم من القبور طائعين منقادين وبحمده في موضع الحال أي حامدين له وقيل معنى بحمده بأمره * (وتظنون إن لبثتم إلا قليلا) * يعني لبثتم في الدنيا أو في القبور * (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن) * العباد هنا المؤمنون أمرهم أن يقول بعضهم لبعض كلاما لينا عجيبا وقيل أن يقولوه للمشركين ثم نسخ بالسيف وإعراب يقولوا كقوله يقيموا الصلاة في إبراهيم وقد ذكر ذلك * (قل ادعوا الذين زعمتم من دونه) * قيل يعني الملائكة وقيل عيسى وأمه وعزير وقيل نفر من الجن كان العرب يعبدونهم والمعنى أنهم لا يقدرون على كشف الضر عنكم فكيف تعبدونهم * (أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة) * المعنى أن أولئك الآلهة الذين تدعون من دون الله يبتغون القربة إلى الله ويرجونه ويخافونه فكيف تعبدونهم معه وإعراب أولئك مبتدأ والذين تدعون صفة له ويبتغون خبره والفاعل في يدعون ضمير للكفار وفي يبتغون للآلهة المعبودين وقيل إن الضمير في يدعون ويبتغون للأنبياء المذكورين قيل في قوله ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض والوسيلة هي ما يتوسل به ويتقرب * (أيهم أقرب) * بدل من الضمير في يبتغون أي يبتغي الوسيلة من هو أقرب منهم فكيف بغيره أو ضمن يبتغون معنى يحرصون فكأنه قيل يحرصون أيهم يكون أقرب إلى الله
(١٧٣)