التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ١٧٤
بالاجتهاد في طاعته ويحتمل أن يكون المعنى أنهم يتوسلون بأيهم أقرب إلى الله * (محذورا) * من الحذر وهو الخوف * (وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة) * يحتمل هذا الهلاك وجهين أحدهما أن يكون بالموت والفناء الذي لا بد منه والآخر أن يكون بأمر من الله يأخذ المدينة دفعة فيهلكها وهذا أظهر لأن الأول معلوم لا يفتقر إلى الإخبار بة والهلاك والتعذيب المذكوران في الآية هما في الحقيقة لأهل القرى أي مهلكو أهلها أم معذبوهم وروي أن هلاك مكة بالحبشة والمدينة بالجوع والكوفة بالترك والأندلس بالخيل وسئل الأستاذ أبو جعفر بن الزبير عن غرناطة فقال أصابها العذاب يوم قتل الموحدين بها في ثورة ابن هود وأما هلاك قرطبة وأشبيلية وطيطلة وغيرها بأخذ الروم لها * (في الكتاب مسطورا) * يعني اللوح المحفوظ * (وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون) * الآيات يراد بها هنا التي يقترحها الكفار فإذا رأوها ولم يؤمنون أهلكهم الله وسبب الآية أن قريشا اقترحوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا فأخبر الله أنه لم يفعل ذلك لئلا يكذبوا فيهلكوا وعبر بالمنع عن ترك ذلك وأن نرسل في موضع نصب وأن كذب في موضع رفع ثم ذكر ناقة ثمود تنبيها على ذلك لأنهم اقترحوها وكانت سبب هلاكهم ومعنى مبصرة بينة واضحة الدلالة * (وما نرسل بالآيات إلا تخويفا) * إن أراد بالآيات هنا المقترحة فالمعنى أنه يرسل بها تخويفا من العذاب العاجل وهو الإهلاك وإن أراد المعجزات غير المقترحة فالمعنى أنه يرسل بها تخويفا من عذاب الآخرة ليراها الكافر فيؤمن وقيل المراد بالآيات هنا الرعد والزلازل والكسوف وغير ذلك من المخاوف * (وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس) * المعنى اذكر إذ أوحينا إليك أن ربك أحاط بقريش يعني بشرناك بقتلهم يوم بدر وذلك قوله سيهزم الجمع ويولون الدبر وإنما قال أحاط بلفظ الماضي وهو لم يقع لتحقيقه وصحة وقوعه بعد وقيل المعنى أحاط بالناس في منعك وحمايتك منهم كقوله والله يعصمك من الناس * (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) * اختلف في هذه الرؤيا فقيل إنها الإسراء فمن قال إنه كان في اليقظة فالرؤيا بمعنى الرؤية بالعين ومن قال إنه كان في المنام فالرؤيا منامية والفتنة على هذا تكذيب الكفار بذلك وارتداد بعض المسلمين حينئذ وقيل إنها رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في منامه هزيمة الكفار وقتلهم ببدر والفتنة على هذا تكذيب قريش بذلك وقيل إنه رأى أنه يدخل مكة فعجل في سنة الحديبية فرد عنها فافتتن بعض المسلمين بذلك وقيل رأى في المنام أن بني أمية يصعدون على منبره فاغتم بذلك * (والشجرة الملعونة في القرآن) * يعني شجرة الزقوم وهي معطوفة على الرؤيا أي جعل الرؤيا والشجرة فتنة للناس وذلك أن قريشا لما سمعوا أن في جهنم شجرة زقوم سخروا من ذلك وقالوا كيف تكون شجرة في النار والنار تحرق الشجر وقال أبو جهل ما أعرف الزقوم إلا التمر بالزبد فإن قيل لم لعنت شجرة الزقوم في القرآن فالجواب أن المراد لعنة آكلها وقيل اللعنة بمعنى الإبعاد لأنها في أصل الجحيم * (ونخوفهم) * الضمير لكفار قريش * (طينا) * تمييز أو حال من من أو من مفعول خلقت " قال أرأيتك
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»