التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٢ - الصفحة ١٦٣
حقوق الناس ولا تجوز الإجابة إليه كالإكراه على قتل أحد أو أخذ ماله * (ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا) * الإشارة إلى العذاب والباء للتعليل فعلل عذابهم بعلتين أحدهما إيثارهم الحياة الدنيا والأخرى أن الله لا يهديهم * (ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا) * قرأه الجمهور فتنوا بضم الفاء أي عذبوا فالآية على هذا في عمار وشبهه من المعذبين على الإسلام وقرأ ابن عامر بفتح الفاء أي عذاب المسلمين فالآية على هذا فيمن عذب المسلمين ثم هاجر وجاهد كالحضرمي وأشباهه * (إن ربك من بعدها لغفور رحيم) * كرر إن ربك توكيدا والضمير في بعدها يعود على الأفعال المذكورة وهي الهجرة والجهاد والصبر * (يوم تأتي) * يحتمل أن يتعلق بغفور رحيم أو بمحذوف تقديره اذكر وهذا أظهر * (كل نفس) * النفس هنا بمعنى الجملة كقولك إنسان والنفس في قوله عن نفسها بمعنى الذات المعينة التي نقيضها الغير أي تجادل عن ذاتها لا عن غيرها كقولك جاء زيد نفسه وعينه * (تجادل عن نفسها) * أي تحتج وتعتذر فإن قيل كيف الجمع بين هذا وبين قوله هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون فالجواب أن الحال مختلف باختلاف المواطن والأشخاص * (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة) * الآية قيل إن القرية المذكورة مكة كانت بهذه الصفة التي ذكرها الله * (فكفرت بأنعم الله) * يعني بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم فأصابهم الجدب والخوف من غزو النبي صلى الله عليه وسلم وقيل إنما قصد قرية غير معينة أصابها ذلك فضرب الله بها مثلا لمكة وهذا أظهر لأن المراد وعظ أهل مكة بما جرى لغيرهم والضمير في قوله فكفرت وأذاقها يراد بها أهل القرية بدليل قوله بما كانوا يصنعون * (فأذاقها الله لباس الجوع والخوف) * الإذاقة هنا واللباس مستعاران أما الإذاقة فقد كثر استعمالها في البلايا حتى صارت كالحقيقة وأما اللباس فاستعير للجوع والخوف لاشتمالهما على اللباس ومباشرتهما له كمباشرة الثوب * (ولقد جاءهم رسول منهم) * إن كان المراد بالقرية مكة فالرسول هنا محمد صلى الله عليه وسلم والعذاب الذي أخذهم القحط وغيره وإن كانت القرية غير معينة فالرسول من المتقدمين كهود وشعيب وغيرهما والعذاب ما أصابهم من الهلاك * (فكلوا) * وما بعده مذكور في البقرة * (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام) * هذه
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»