التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ١ - الصفحة ١٧٣
حبيبه ففي ذلك بشارة لمن أحبه الله * (وجعلكم ملوكا) * قيل جعل منكم ملوكا أي أمراء وقيل الملك من له مسكن وامرأة وخادم * (ما لم يؤت أحدا من العالمين) * قيل يعني المن والسلوى والغمام وغير ذلك من الآيات وعلى هذا يكون العالمين خاصا بأهل زمانهم لأن أمة محمد صلى الله عليه وسلم قد أوتيت من آياته مثل ذلك وأعظم وقيل المراد كثرة الأنبياء فعلى هذا يكون عاما لأن الأنبياء في بني إسرائيل أكثر منهم في سائر الأمم * (الأرض المقدسة) * أرض بيت المقدس وقيل الطور وقيل دمشق * (التي كتب الله لكم) * أي قضى أن تكون لكم * (ولا ترتدوا على أدباركم) * يحتمل أن يريد الارتداد عن الدين والطاعة والرجوع إلى الطريق الذي جاءوا منه فإنه روي أنه لما أمرهم موسى عليه السلام بدخول الأرض المقدسة خافوا من الجبارين الذين فيها وهموا أن يقدموا على أنفسهم رئيسا ويرجعوا إلى مصر * (قوما جبارين) * هم العمالقة * (قال رجلان) * هما يوشع وكالب * (يخافون) * أي يخافون الله وقيل يخافون الجبارين ولكن الله أنعم عليهما بالصبر والثبوت لصدق إيمانهما * (ادخلوا عليهم الباب) * أي باب المدينة * (فاذهب أنت وربك) * إفراط في العصيان وسوء الأدب بعبارة تقتضي الكفر والاستهانة بالله ورسوله وأين هؤلاء من الذين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لسنا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل ولكن نقول لك اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون * (لا أملك إلا نفسي وأخي) * قاله موسى عليه السلام ليتبرأ إلى الله من قول بني إسرائيل ويبذل جهده في طاعة الله ويعتذر إلى الله وإعراب أخي عطف على نفسي لأن أخاه هارون كان يطيعه وقيل عطف على الضمير في لا أملك أي لا أملك أنا إلا نفسي ولا يملك أخي إلا نفسه وقيل مبتدأ وخبره محذوف أي أخي لا يملك إلا نفسه * (فافرق بيننا) * أي فارق بيننا وبينهم فهو من الفرقة وقيل افصل بيننا وبينهم بحكم * (قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة) * الضمير في قال لله تعالى وحرم الله على جميع بني إسرائيل دخول تلك المدينة أربعين سنة وتركهم في هذه المدة يتيهون في الأرض أي في أرض التيه وهو ما بين مصر والشام حتى مات كل من قال إنا لن ندخلها ولم يدخلها أحد من ذلك الجيل إلا يوشع وكالب ومات هارون في التيه ومات موسى بعده في التيه أيضا وقيل إن موسى وهارون لم يكونا في التيه لقوله فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين وخرج يوشع ببني إسرائيل بعد الأربعين سنة وقاتل الجبارين وفتح المدينة والعامل في أربعين محرمة على الأصح فيجب وصله معه وقيل العامل فيه يتيهون فعلى هذا يجوز الوقف على قوله محرمة عليهم وهذا ضعيف لأنه لا حامل على تقديم المعمول هنا مع أن القول الأول أكمل معنى لأنه بيان لمدة التحريم والتيه * (يتيهون) * أي يتحيرون وروي
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»