حجارة كان أهل الجاهلية يعظمونها ويذبحون عليها وليست بالأصنام لأن الأصنام مصورة والنصب غير مصورة وهي الأنصاب والمفرد نصاب وقد قيل إن النصب بضمتين مفرد وجمعه أنصاب * (وأن تستقسموا بالأزلام) * عطف على المحرمات أيضا والاستقسام هو طلب ما قسم له والأزلام هي السهام واحدها زلم بضم الزاي وفتحها وكانت ثلاثة قد كتب على أحدها أفعل وعلى الآخر لا تفعل والثالث مهمل فإذا أراد الإنسان أن يعمل أمرا جعلها في خريطة وأدخل يده وأخرج أحدها فإن خرج له الذي فيه افعل فعل ما أراد وإن خرج له الذي فيه لا تفعل تركه وإن خرج المهمل أعاد الضرب * (ذلكم فسق) * الإشارة إلى تناول المحرمات المذكورة كلها أو إلى الاستقسام بالأزلام وإنما حرمه الله وجعله فسقا لأنه دخول في علم الغيب الذي انفرد الله به فهو كالكهانة وغيرها مما يرام به الاطلاع على الغيوب * (اليوم يئس الذين كفروا من دينكم) * أي يئسوا أن يغلبوه ويطلبوه ونزلت بعد العصر من يوم الجمعة يوم عرفة في حجة الوداع فذلك هو اليوم المذكور لظهور الإسلام فيه وكثرة المسلمين ويحتمل أن يكون الزمان الحاضر لا اليوم بعينه * (اليوم أكملت لكم دينكم) * هذا الإكمال يحتمل أن يكون بالنصر والظهور أو بتعليم الشرائع وبيان الحلال والحرام * (فمن اضطر) * راجع إلى المحرمات المذكورة قبل هذا أباحها الله عند الاضطرار * (في مخمصة) * في مجاعة * (غير متجانف لإثم) * هذا بمعنى غير باغ ولا عاد وقد تقدم في البقرة * (فإن الله غفور رحيم) * قام مقام فلا جناح عليه وتضمن زيادة الوعد " يسئلونك ماذا أحل لهم " سببها أن المسلمين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يحل لهم من المأكل وقيل لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب سألوه ماذا يحل لنا من الكلاب فنزلت مبينة للصيد بالكلاب * (قل أحل لكم الطيبات) * هي عند مالك الحلال وذلك مما لم يرد تحريمه في كتاب ولا سنة وعند الشافعي الحلال المستلذ فحرم كل مستقذر كالخنافس وشبهها لأنها من الخبائث * (وما علمتم من الجوارح) * عطف على الطيبات على حذف مضاف تقديره وصيد ما علمتم أو مبتدأ وخبره فكلوا مما أمسكن عليكم وهذا أحسن لأنه لا خلاف فيه والجوارح هي الكلاب ونحوها مما يصطاد به وسميت جوارح لأنها كواسب لأهلها فهو من الجرح بمعنى الكسب ولا خلاف في جواز الصيد بالكلاب واختلف فيمن سواها ومذهب الجمهور الجواز للأحاديث الواردة في البازات وغيرها ومنع بعض ذلك لقوله مكلبين فإنه مشتق من الكلب الكلب ونزلت الآية بسبب عدي بن حاتم كان له كلاب يصطاد بها فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يحل له الصيد * (مكلبين) * أي معلمين للكلاب الاصطياد وقيل معناه أصحاب كلاب وهو منصوب على الحال من ضمير الفاعل في علمتم ويقتضي قوله علمتم ومكلبين أنه لا يجوز الصيد إلا بجارح معلم لقوله وما علمتم وقوله مكلبين على القول الأول لتأكيده ذلك بقوله تعلمونهن وحد التعليم
(١٦٨)