التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ١ - الصفحة ١٧٥
هنا وفي الموضع عبارة عن جميع الأوقات لا مختصة بالصباح * (من أجل ذلك) * يتعلق بكتبنا وقيل بالنادمين وهو ضعيف * (كتبنا على بني إسرائيل) * أي فرضنا عليهم أو كتبناه في كتبهم * (بغير نفس) * معناه من غير أن يقتل نفسا يجب عليه القصاص * (أو فساد في الأرض) * يعني الفساد الذي يجب به القتل كالحرابة * (فكأنما قتل الناس جميعا) * تمثيل قاتل الواحد بقاتل الجميع يتصور من ثلاث جهات إحداها القصاص فإن القصاص في قاتل الواحد والجميع سواء الثانية انتهاك الحرمة والإقدام على العصيان والثالثة الإثم والعذاب الأخروي قال مجاهد وعد الله قاتل النفس بجهنم والخلود فيها والغضب واللعنة والعذاب العظيم فلو قتل جميع الناس لم يزد على ذلك وهذا الوجه هو الأظهر لأن القصد بالآية تعظيم قتل النفس والتشديد فيه لينزجر الناس عنه وكذلك الثواب في إحيائها كثواب إحياء الجميع لتعظيم الأمر والترغيب فيه وإحياؤها هو إنقاذها من الموت كإنقاذ الحريق أو الغريق وشبه ذلك وقيل بترك قتلها وقيل بالعفو إذا وجب القصاص * (ولقد جاءتهم) * الضمير لبني إسرائيل والمعنى تقبيح أفعالهم وفي ذلك إشارة إلى ما هموا به من قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم * (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله) * الآية سببها عند ابن عباس أن قوما من اليهود كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فنقضوا العهد وقطعوا السبيل وقال جماعة نزلت في نفر من عكل وعرينة أسلموا ثم إنهم قتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم وأخذوا إبله ثم حكمها بعد ذلك في كل محارب والمحاربة عند مالك هي حمل السلاح على الناس في بلد أو في خارج بلد وقال أبو حنيفة لا يكون المحارب إلى خارج البلد وقوله يحاربون الله تغليظ ومبالغة وقال بعضهم تقديره يحاربون رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك ضعيف لأن الرسول عليه الصلاة والسلام ذكر بعد ذلك وقيل يحاربون عباد الله وهو أحسن * (ويسعون في الأرض فسادا) * بيان للحرابة وهي على درجات أدناها إخافة الطريق ثم أخذ المال ثم قتل النفس * (أن يقتلوا أو يصلبوا) * الصلب مضاف إلى القتل وقيل يقتل ثم يصلب ليراه أهل الفساد فينزجروا وهو قول أشهب وقيل يصلب حيا ويقتل على الخشبة وهو قول ابن القاسم * (أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف) * معناه أن تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى ثم إن عاد قطعت يده اليسرى ورجله اليمنى وقطع اليد عند مالك والجمهور من الرسغ وقطع الرجل من المفصل وذلك في الحرابة وفي السرقة * (أو ينفوا من الأرض) * مشهور مذهب مالك أن ينفى من بلد إلى بلد آخر ويسجن فيه إلى أن تظهر توبته وروى عنه مطرف أنه يسجن في البلد بعينه وبذلك قال أبو حنيفة وقيل ينفى إلى بلد آخر دون أن يسجن فيه ومذهب مالك أن الإمام مخير في المحارب بين أن يقتله ويصلبه أو يقتله ولا يصلبه أو يقطع يده ورجله أو ينفيه إلا أنه قال إن كان قتل فلا بد من قتله وإن لم يقتل فالأحسن أن يأخذ
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»