التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ١ - الصفحة ١٦٩
عند ابن القاسم أن يعلم الجارح الإشلاء والزجر وقيل الإشلاء خاصة وقيل الزجر خاصة وقيل أن يجيب إذا دعي * (تعلمونهن مما علمكم الله) * أي تعلمونهن من الحيلة في الاصطياد وتأتي تحصيل الصيد وهذا جزء مما علمه الله الإنسان فمن للتبعيض ويحتمل أن تكون لابتداء الغاية والجملة في موضع الحال أو استئناف * (فكلوا مما أمسكن عليكم) * الأمر هنا للإباحة ويحتمل أن يريد مما أمسكن سواء أكلت الجوارح منه أو لم تأكل وهو ظاهر إطلاق اللفظ وبذلك أخذ مالك ويحتمل أن يريد مما أمسكن ولم يأكل منه وبذلك فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله فإن أكل منه فلا تأكل فإنه إنما أمسك على نفسه وقد أخذ بهذا بعض العلماء وقد ورد في حديث آخر إذا أكل فكل وهو حجة لمالك * (واذكروا اسم الله عليه) * هذا أمر بالتسمية على الصيد ويجري الذبح مجراه وقد اختلف الناس في حكم التسمية فقال الظاهرية إنها واجبة حملا للأمر على الوجوب فإن تركت التسمية عمدا أو نسيانا لم تؤكل عندهم وقال الشافعي أنها مستحبة حملا للأمر على الندب تؤكل عنده سواء تركت التسمية عمدا أو نسيانا وجعل بعضهم الضمير في عليه عائدا على الأكل فليس فيها على هذا أمر بالتسمية على الصيد ومذهب مالك أنه إن تركت التسمية عمدا لم تؤكل وإن تركت نسيانا أكلت فهي عنده واجبة مع الذكر ساقطة مع النسيان * (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) * معنى حل حلال والذين أتوا الكتاب هم اليهود والنصارى واختلف في نصارى بني تغلب من العرب وفيمن كان مسلما ثم ارتد إلى اليهودية أو النصرانية هل يحل لنا طعامهم أم لا ولفظ الآية يقتضي الجواز لأنهم من أهل الكتاب واختلف في المجوس والصابئين هل هم أهل كتاب أم لا وأما الطعام فهو على ثلاثة أقسام أحدها الذبائح وقد اتفق العلماء على أنها مرادة في الآية فأجازوا كل ذبائح اليهود والنصارى واختلفوا فيما هو محرم عليهم في دينهم هل يحل لنا أم لا على ثلاثة أقوال الجواز والمنع والكراهة وهذا الاختلاف مبني على هل هو من طعامهم أم لا فإن أريد بطعامهم ما ذبحوه جاز وإن أريد به ما يحل لهم منع والكراهة توسط بين القولين القسم الثاني ما لا محاولة لهم فيه كالقمح والفاكهة فهو جائز لنا باتفاق والثالث ما فيه محاولة كالخبز وتعصير الزيت وعقد الجبن وشبه ذلك مما يمكن استعمال النجاسة فيه فمنعه ابن عباس لأنه رأى أن طعامهم هو الذبائح خاصة ولأنه يمكن أن يكون نجسا وأجازه الجمهور لأنه رأوه داخلا في طعامهم هذا إذا كان استعمال النجاسة فيه محتملا فأما إذا تحققنا استعمال النجاسة فيه كالخمر والخنزير والميتة فلا يجوز أصلا وقد صنف الطرطوشي في تحريم جبن النصارى وقال إنه ينجس البائع والمشتري والآلة لأنهم يعقدونه بأنفحة الميتة ويجري مجرى ذلك الزيت إذا علمنا أنهم يجعلونه في ظروف الميتة * (وطعامكم حل لهم) * هذه إباحة للمسلمين أن يطعموا أهل الكتاب من طعامهم * (والمحصنات) * عطف على الطعام المحلل وقد تقدم أن الإحصان له أربعة معان الإسلام والتزوج والعفة والحرية فأما الإسلام فلا يصح هنا لقوله من الذين أوتوا الكتاب وأما التزوج فلا يصح أيضا لأن ذات الزوج لا تحل لغيره ويحتمل هنا العفة والحرية فمن حمله
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»