تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٥ - الصفحة ١٤٣
ولذلك جهلهم فقال * (ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون) * يتمحلون تمحلا باطلا ويجوز أن تكون الإشارة إلى أصل الدعوى كأنه لما أبدى وجوه فسادها وحكى شبهتهم المزيفة نفى أن يكون لهم بها علم من طريق العقل ثم أضرب عنه إلى إنكار أن يكون لهم سند من جهة النقل فقال * (أم آتيناهم كتابا من قبله) * من قبل القرآن أو ادعائهم ينطق على صحة ما قالوه * (فهم به مستمسكون) * بذلك الكتاب متمسكون * (بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون) * أي لا حجة لهم على عقلية ولا نقلية وإنما جنحوا فيه إلى تقليد آبائهم الجهلة وال * (أمة) * الطريقة التي تؤم كالراحلة للمرحول إليه وقرئت بالكسر وهي الحالة التي يكون عليها الأم أي القاصد ومنها الدين * (وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) * تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ودلالة على أن التقليد في نحو ذلك ضلال قديم وأن مقدميهم أيضا لم يكن لهم سند منظور إليه وتخصيص المترفين إشعار بأن التنعم وحب البطالة صرفهم عن النظر إلى التقليد * (قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم) * أي أتتبعون آبائكم ولو جئتكم بدين أهدى من دين آبائكم وهي حكاية أمر ماض أوحي إلى النذر أو خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويؤيد الأول أنه قرأ ابن عامر وحفص قال وقوله * (قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون) * أي وإن كان اهدى إقناطا للنذير من أن ينظروا أو يتفكروا فيه * (فانتقمنا منهم) * بالاستئصال * (فانظر كيف كان عاقبة المكذبين) * ولا تكترث بتكذيبهم * (وإذ قال إبراهيم) * واذكر وقت قوله هذا ليروا كيف تبرأ عن التقليد وتمسك بالدليل أو ليقلدوه إن لم يكن لهم بد من التقليد فإنه أشرف آبائهم * (لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون) * برئ من عبادتكم أو معبودكم مصدر نعت به ولذلك استوى فيه الواحد والمتعدد والمذكر والمؤنث وقرئ برئ وبراء ككريم وكرام * (إلا الذي فطرني) * استثناء منقطع أو متصل على أن ما يعم أولي العلم وغيرهم وأنهم كانوا يعبدون الله والأصنام والأوثان أو صفة على أن ما موصوفة أي إنني برئ من
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»