تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٤ - الصفحة ٢٦٩
وصف برد الطرف والطرف بالارتداد والمعنى انك ترسل طرفك نحو شيء فقبل أن ترده احضر عرشها بين يديك وهذا غاية في الاسراع ومثل فيه * (فلما رآه) * أي العرش * (مستقرا عنده) * حاصلا بين يديه قال تلقيا للنعمة بالشكر يعلى شاكلة المخلصين من عباد الله تعالى * (هذا من فضل ربي) * تفضل به علي من غير استحقاق والإشارة إلى التمكن من احضار العرش في مدة ارتداد الطرف من سيرة شهرين بنفسه أو غيره والكلام في إمكان مثله قد مر في آية الاسراء * (ليبلوني أأشكر) * بأن أراه فضلا من الله تعالى بلا حول مني ولا قوة وأقوم بحقه * (أم أكفر) * بأن أجد نفسي في البين أو اقصر في أداء مواجبه ومحلها النصب على البدل من الياء * (ومن شكر فإنما يشكر لنفسه) * لأنه به يستجلب لها دوام النعمة ومزيدها ويحط عنها عبء الواجب ويحفظها عن وصمة الكفران * (ومن كفر فإن ربي غني) * عن شركه * (كريم) * بالانعام عليه ثانيا * (قال نكروا لها عرشها) * بتغيير هيئته وشكله * (ننظر) * جواب الأمر وقرئ بالرفع على الاستئناف * (أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون) * إلى معرفته أو الجواب الصواب وقيل إلى الإيمان بالله ورسوله إذا رأت تقدم عرشها وقد خلفته مغلقة عليه الأبواب موكلة عليها الحراس * (فلما جاءت قيل أهكذا عرشك) * تشبيها عليها زيادة في امتحان عقلها إذ ذكرت عنده بسخافة العقل * (قالت كأنه هو) * ولم تقل هو هو لاحتمال أن يكون مثله وذلك من كمال عقلها * (وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين) * من تتمة كلامها كأنها ظنت انه أراد بذلك اختبار عقلها واظهار معجزة لها فقالت وأوتينا العلم بكمال قدرة الله وصحة نبوتك قبل هذه الحالة أو المعجزة مما تقدم من الآيات وقيل إنه من كلام سليمان عليه السلام وقومه وعطوفه على جوابها لما فيه من الدلالة على ايمانها بالله ورسوله حيث جوزت أن يكون ذلك عرشها تجويزا غالبا وإحذار ثمة من المعجزات التي لا يقدر عليها غير الله تعالى ولا تظهر إلا على يد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أي وأوتينا العلم بالله وقدرته صحة ما جاء به عنده قبلها وكنا منقادين لحكمه ولم نزل على دينه ويكون غرضهم فيه التحدث بما أنعم الله عليهم من التقدم في ذلك شكر الله تعالى
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»