تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٤ - الصفحة ٢٢٠
* (أم تحسب) * بل أتحسب * (أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون) * فتجدي لهم الآيات أو الحجج فتهتم بشأنهم وتطمع في إيمانهم وهو أشد مذمة مما قبله حتى حق بالإضراب منه إليه وتخصيص الأكثر لأنه كان منهم من آمن ومنهم من عقل الحق وكابر استكبارا وخوفا على الرئاسة * (إن هم إلا كالأنعام) * في عدم انتفاعهم بقرع الآيات آذانهم وعدم تدبرهم فيما شاهدوا من الدلائل والمعجزات * (بل هم أضل سبيلا) * من الأنعام لأنها تنقاد لمن يتعهدها وتميز من يحسن إليها ممن يسيء إليها وتطلب ما ينفعها وتتجنب ما يضرها وهؤلاء لا ينقادون لربهم ولا يعرفون إحسانه من إساءة الشيطان ولا يطلبون الثواب الذي هو أعظم المنافع ولا يتقون العقاب الذي هو أشد المضار ولأنها إن لم تعتقد حقا ولم تكتسب خيرا لم تعتقد باطلا ولم تكتسب شرا بخلاف هؤلاء ولأن جهالتها لا تضر بأحد وجهالة هؤلاء تؤدي إلى هيج الفتن وصد الناس عن الحق ولأنها غير متمكنة من طلب الكمال فلا تقصير منها ولا ذم وهؤلاء مقصرون ومستحقون أعظم العقاب على تقصيرهم * (ألم تر إلى ربك) * ألم تنظر إلى صنعه * (كيف مد الظل) * كيف بسطه أو ألم تنظر إلى الظل كيف مده ربك فغير النظم إشعارا بأنه المعقول من هذا الكلام لوضوح برهانه وهو دلالة حدوثه وتصرفه على الوجه النافع بأسباب ممكنة على أن ذلك فعل الصانع الحكيم كالمشاهد المرئي فكيف بالمحسوس منه أو ألم ينته علمك إلى أن ربك كيف مد الظل وهو فيما بين طلوع الفجر والشمس وهو أطيب الأحوال فإن الظلمة الخالصة تنفر الطبع وتسد النظر وشعاع الشمس يسخن الجو ويبهر البصر ولذلك وصف به الجنة فقال * (وظل ممدود) * و * (ولو شاء لجعله ساكنا) * ثابتا من السكنى أو غير متقلص من السكون
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»