تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٣ - الصفحة ١٩٠
بالجدال والمعنى أن الأمر بمشيئة الله تعالى لا بمشيئتي حتى اجعله على نحو ما تشتهونه ثم قرر ذلك بقوله * (فقد لبثت فيكم عمرا) * مقدارا عمر أربعين سنة * (من قبله) * من قبل القرآن ولا أتلوه ولا أعلمه فإنه إشارة إلى أن القرآن معجز خارق للعادة فإن من عاش بين أظهرهم أربعين سنة لم يمارس فيها علما ولم يشاهد عالما ولم ينشئ قريضا ولا خطية ثم قرأ عليهم كتابا بزت فصاحته فصاحة كل منطيق وعلا من كل منثور ومنظوم واحتوى على قوماعد علمي الأصول والفروع واعرب عن أقاصيص الأولين وأحاديث الآخرين على ما هي عليه علم أنه معلوم به من الله تعالى * (أفلا تعقلون) * أي أفلا تستعملون عقولكم بالتدبر والتفكر فيه لتعلموا أنه ليس إلا من الله * (فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا) * تفاد مما أضافوه إليه كناية أو تظليم للمشركين بافترائهم على الله تعلى في قولهم إنه لذو شريك وذو ولد * (أو كذب بآياته) * فكفر بها * (إنه لا يفلح المجرمون) * * (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم) * فإنه جماد لا يقدر على نفع ولا ضر * (ويقولون هؤلاء) * الأوثان * (شفعاؤنا عند الله) * تشفع لنا فيما يهمنا من أمور الدنيا أو في الآخرة أن يكن بعث وكأنهم كانوا شاكين فيه وهذا من فرط جهالتهم حيث تركوا عبادة الموجد الضار النافع إلى عبادة ما يعلم قطعا أنه لا يضر ولا ينفع على توهم أنه ربما يشفع لهم عنده * (قل أتنبئون الله) * أتخبرونه * (بما لا يعلم) * وهو أن
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»