تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٣ - الصفحة ١٨٦
نورا أو سمي نورا للمبالغة وهو أعم من الضوء كما عرفت وقيل ما بالذات ضوء وما بالعرض نور وقد نبه سبحانه وتعالى بذلك على أنه خلق الشمس نيرة في ذاتها والقمر نيرا بعرض مقابلة الشمس والاكتساب منها * (وقدره منازل) * الضمير لكل واحد أي قدر مسير كل واحد منهما منازل أو قدره ذا منازل أو للقمر وتخصيصه بالذكر لسرعة سيره ومعاينة منزله وإناطة احكام الشرع به ولذلك علله بقوله * (لتعلموا عدد السنين والحساب) * حساب الأوقات من الأشهر والأيام في معاملاتكم وتصرفاتكم * (ما خلق الله ذلك إلا بالحق) * إلا ملتبسا بالحق مراعيا فيه مقتضى الحكمة البالغة * (يفصل الآيات لقوم يعلمون) * فإنهم المنتفعون بالتأمل فيها وقرأ ابن كثير والبصريان وحفص * (يفصل) * بالياء * (إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض) * من أنواع الكائنات * (لآيات) * على وجود الصناع ووحدته وكمال علمه وقدرته * (لقوم يتقون) * العواقب فإنه يحملهم على التفكر والتدبر * (إن الذين لا يرجون لقاءنا) * لا يتوقعونه لإنكارهم البعث وذهورهم بالمحسوسات عما وراءها * (ورضوا بالحياة الدنيا) * من الآخرة لغفلتهم عنها * (واطمأنوا بها) * وسكنوا إليها مقصرين هممهم على لذائذها وزخارفها أو سكنوا فيها سكون من لا يزعج عنها * (والذين هم عن آياتنا غافلون) * لا يتفكرون فيها لانهماكهم فيما يضادها والعطف إما لتغاير الوصفين والتنبيه على أن الوعيد على الجمع بين الذهول عن الآيات رأسا والانهماك في الشهوات بحيث لا تخطر الآخرة ببالهم أصلا وإما لتغاير الفريقين والمراد بالأولين من انكر البعث ولم ير إلا الحياة الدنيا وبالاخرين من ألهاه حب العاجل عن التأمل في الاجل والاعداد له * (أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون) * بما واظبوا عليه وتمرنوا به من المعاصي * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم) * بسبب ايمانهم إلى سلوك
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»