الله تعالى عنه أو غيره من المسلمين لن تغلب اليوم من قلة إعجابا بكثرتهم واقتتلوا قتالا شديدا فأدرك المسلمين إعجابهم واعتمادهم على كثرتهم فانهزموا حتى بلغ فلهم مكة وبقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مركزه ليس معه إلا عمه العباس آخذا بلجامه وابن عمه أبو سفيان بن الحارث وناهيك بهذا شهادة على تناهي شجاعته فقال للعباس وكان صيتا صح بالناس فنادى يا عباد الله يا أصحاب الشجرة يا أصحاب سورة البقرة فكروا عنقا واحدا يقولون لبيك لبيك ونزلت الملائكة فالتقوا مع المشركين فقال صلى الله عليه وسلم هذا حين حمي الوطيس ثم أخذ كفا من ترا فرماهم ثم قال انهزموا ورب الكعبة فانهزموا * (فلم تغن عنكم) * أي الكثرة * (شيئا) * من الإغناء أو من أمر العدو * (وضاقت عليكم الأرض بما رحبت) * برحبها أي بسعتها لا تجدون فيها مفرا تطمئن إليه نفوسكم من شدة الرعب أو لا تثبتون فيها كمن لا يسعه مكانه * (ثم وليتم) * الكفار ظهوركم * (مدبرين) * منهزمين والإدبار الذهاب إلى خلف الإقبال * (ثم أنزل الله سكينته) * رحمته التي سكنوا بها وأمنوا * (على رسوله وعلى المؤمنين) * الذين انهزموا وإعادة الجار للتنبيه على اختلاف حاليهما وقيل هم الذين ثبتوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يفروا * (وأنزل جنودا لم تروها) * بأعينكم أي الملائكة وكانوا خمسة آلاف أو ثمانية أو ستة عشر على اختلاف الأقوال * (وعذب الذين كفروا) * بالقتل والأسر والسبي * (وذلك جزاء الكافرين) * أي ما فعل بهم جزاء كفرهم في الدنيا * (ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء) * منهم بالتوفيق للإسلام * (والله غفور رحيم) * يتجاوز عنهم ويتفضل عليهم روي أن ناسا جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلموا وقالوا يا رسول الله أنت خير الناس وأبرهم وقد سبي أهلونا وأولادنا وأخذت أموالنا وقد سبي يومئذ ستة آلاف نفس وأخذ من الإبل والغنم ما لا يحصى فقال صلى الله عليه وسلم اختاروا إما سباياكم وإما أموالكم فقالوا ما كنا نعدل بالأحساب شيئا فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إن هؤلاء جاءوا مسلمين وإنا خيرناهم بين الذراري والأموال فلم يعدلوا بالأحساب شيئا فمن كان بيده سبي وطابت نفسه أن يرده فشأنه ومن لا فليعطنا وليكن قرضا علينا حتى نصيب شيئا فنعطيه مكانه فقالوا رضينا وسلمنا فقال إني لا أدري لعل فيكم من لا يرضى فمروا
(١٣٨)