تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٣ - الصفحة ١٣٦
ونسقي الحجيج ونفك العاني فنزلت * (أولئك حبطت أعمالهم) * التي يفتخرون بها بما قارنها من الشرك * (وفي النار هم خالدون) * لأجله * (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة) * أي إنما تستقيم عمارتها لهؤلاء الجامعين للكمالات العلمية والعملية ومن عمارتها تزيينها بالفرش وتنويرها بالسرج وإدامة العبادة والذكر ودروس العلم فيها وصيانتها مما لم تبن له كحديث الدنيا وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى إن بيوتي في أرضي المساجد وإن زواري فيها عمارها فطوبى لعبد تطهر في بيته ثم زارني في بيتي فحق على المزور أن يكرم زائره وإنما لم يذكر الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم لما علم أن الإيمان بالله قرينة وتمامه الإيمان به ولدلالة قوله وأقام الصلاة وآتى الزكاة عليه * (ولم يخش إلا الله) * أي في أبواب الدين فإن الخشية عن المحاذير جبلية لا يكاد العاقل يتمالك عنها * (فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين) * ذكره بصيغة التوقع قطعا لأطماع المشركين في الاهتداء والانتفاع بأعمالهم وتوبيخا لهم بالقطع بأنهم مهتدون فإن هؤلاء مع كمالهم إذا كان اهتداؤهم دائرا بين عسى ولعل فما ظنك بأضدادهم ومنعا للمؤمنين أن يغتروا بأحوالهم ويتكلوا عليها * (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله) * السقاية والعمارة مصدر أسقى وعمر فلا يشبهان بالجثث بل لا بد من إضمار تقديره أجعلتم أهل سقاية الحاج كمن آمن أو أجعلتم سقاية الحاج كإيمان من آمن ويؤيد الأول قراءة من قرأ سقاة الحاج وعمرة المسجد والمعنى إنكار أن يشبه المشركون وأعمالهم المحبطة بالمؤمنين وأعمالهم المثبتة ثم قرر ذلك بقوله * (لا يستوون عند الله) * وبين عدم تساويهم بقوله * (والله لا يهدي القوم الظالمين) * أي الكفرة ظلمة بالشرك ومعاداة الرسول صلى الله عليه وسلم منهمكون في الضلالة فكيف يساوون الذين هداهم الله ووفقهم للحق والصواب وقيل المراد بالظالمين الذين يسوون بينهم وبين المؤمنين * (الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله) * أعلى رتبة وأكثر كرامة ممن لم تستجمع فيه هذه الصفات أو من أهل السقاية والعمارة عندكم * (وأولئك هم الفائزون) * بالثواب ونيل الحسنى عند الله دونكم
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»