تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٣ - الصفحة ١٤٢
طلبهم إبطال نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بالتكذيب بحال من يطلب إطفاء نور عظيم منبث في الآفاق يريد الله أن يزيده بنفخه وإنما صح الاستثناء المفرغ والفعل موجب لأنه في معنى النفي * (ولو كره الكافرون) * محذوف الجواب لدلالة ما قبله عليه * (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله) * كالبيان لقوله * (ويأبى الله إلا أن يتم نوره) * ولذلك كرر * (ولو كره المشركون) * غير أنه وضع المشركون موضع الكافرون للدلالة على أنهم ضموا الكفر بالرسول إلى الشرك بالله والضمير في * (ليظهره) * للدين الحق أو للرسول صلى الله عليه وسلم واللام في * (الدين) * للجنس أي على سائر الأديان فينسخها أو على أهلها فيخذلهم * (يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل) * يأخذونها بالرشا في الأحكام سمي أخذ المال أكلا لأنه الغرض الأعظم منه * (ويصدون عن سبيل الله) * دينه * (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله) * يجوز أن يراد به الكثير من الأحبار والرهبان فيكون مبالغة في وصفهم بالحرص على المال والضن به وأن يراد المسلمون الذين يجمعون المال ويقتنونه ولا يؤدون حقه ويكون اقترانه بالمرتشين من أهل الكتاب للتغليظ ويدل عليه أنه لما نزل كبر على المسلمين فذكر عمر رضي الله تعالى عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب بها ما بقي من أموالكم وقوله صلى الله عليه وسلم ما أدي زكاته فليس بكنز أي بكنز أوعد عليه فإن الوعيد على الكنز مع عدم الإنفاق فيما أمر الله أن ينفق فيه وأما قوله صلى الله عليه وسلم من ترك صفراء أو بيضاء كوي بها ونحوه فالمراد منها ما لم يؤد حقها لقوله صلى الله عليه وسلم فيما أورده الشيخان مرويا عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فيكوى بها
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»