تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٣ - الصفحة ١٤٠
ولذلك منع من التوكيل فيه أو عن غنى ولذلك قيل لا تؤخذ من الفقير أو عن يد قاهرة عليهم بمعنى عاجزين أذلاء أو من الجزية بمعنى نقدا مسلمة عن يد إلى يد أو عن إنعام عليهم فإن إبقاءهم بالجزية نعمة عظيمة * (وهم صاغرون) * أذلاء وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال تؤخذ الجزية من الذمي وتوجأ عنقه ومفهوم الآية يقتضي تخصيص الجزية بأهل الكتاب ويؤيده أن عمر رضي الله تعالى عنه لم يكن يأخذ الجزية من المجوس حتى شهد عنده عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه أنه صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر وأنه قال سنوا بهم سنة أهل الكتاب وذلك لأنهم لهم شبهة كتاب فألحقوا بالكتابيين وأما سائر الكفرة فلا تؤخذ منهم الجزية عندنا وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى تؤخذ منهم إلا مشركي العرب لما روى الزهري أنه صلى الله عليه وسلم صالح عبدة الأوثان إلا من كان من العرب وعند مالك رحمه الله تعالى تؤخذ من كل كافر إلا المرتد وأقلها في كل سنة دينار سواء فيه الغني والفقير وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى على الغني ثمانية وأربعون درهما وعلى المتوسط نصفها وعلى الفقير الكسوب ربعها ولا شيء على الفقير غير الكسوب * (وقالت اليهود عزير ابن الله) * إنما قاله بعضهم من متقدميهم أو ممن كانوا بالمدينة وإنما قالوا ذلك لأنه لم يبق فيهم بعد وقعة بختنصر من يحفظ التوراة وهو لما أحياه الله بعد مائة عام أملى عليهم التوراة حفظا فتعجبوا من ذلك وقالوا ما هذا إلا أنه ابن الله والدليل على أن هذا القول كان فيهم أن الآية قرئت عليهم فلم يكذبوا مع تهالكهم على التكذيب وقرأ عاصم والكسائي ويعقوب * (عزيز) * بالتنوين على أنه عربي مخبر عنه بابن غير موصوف به وحذفه في القراءة الأخرى إما لمنع صرفه للعجمة والتعريف أو لالتقاء الساكنين تشبيها للنون بحروف اللين أو لأن الابن وصف والخبر محذوف مثل معبودنا أو صاحبنا وهو مزيف لأنه يؤدي إلى تسليم النسب وإنكار الخبر المقدر * (وقالت النصارى المسيح ابن الله) * هو أيضا قول بعضهم وإنما قالوه استحالة لأن يكون ولد بلا أب أو لأن يفعل ما فعله من إبراء الأكمة والأبرص وإحياء الموتى من لم يكن إلها * (ذلك قولهم بأفواههم) *
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»