فيكشف لهم الحجاب فينظرون إلى الله تعالى فيخرون له سجدا وتبقى أقوام ظهورهم مثل صياصي (1) البقر فينظرون إلى الله تعالى فيريدون السجود فلا يستطيعون فذلك قوله تعالى:
" يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون " فيقول الله تعالى عباد ي ارفعوا رءوسكم فقد جعلت بدل كل رجل منكم رجلا من اليهود والنصارى في النار).
قال أبو بردة: فحدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز فقال: الله الذي لا إله إلا هو لقد حدثك أبوك بهذا الحديث؟ فحلف له ثلاثة أيمان، فقال عمر: ما سمعت في أهل التوحيد حديثا هو أحب إلي من هذا. وقال قيس بن السكن: حدث عبد الله بن مسعود عند عمر بن الخطاب فقال: إذا كان يوم القيامة قام الناس لرب العالمين أربعين عاما شاخصة أبصارهم إلى السماء، حفاة عراة يلجمهم العرق، فلا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم أربعين عاما، ثم ينادي مناد: أيها الناس، أليس عدلا من ربكم الذي خلقكم وصوركم وأماتكم وأحياكم ثم عبد تم غيره أن يولي كل قوم ما تولوا؟ قالوا: نعم. قال: فيرفع لكل قوم ما كانوا يعبدون من دون الله فيتبعونها حتى تقذفهم في النار، فيبقى المسلمون والمنافقون فيقال لهم: ألا تذهبون قد ذهب الناس؟ فيقولون حتى يأتينا ربنا، فيقال لهم: أو تعرفونه؟ فيقولون:
إن اعترف (2) لنا عرفناه. قال فعند ذلك يكشف عن ساق ويتجلي لهم فيخر من كان يعبده مخلصا ساجدا، ويبقى المنافقون لا يستطيعون كأن في ظهورهم السفافيد (3)، فيذهب بهم إلى النار، ويدخل هؤلاء الجنة، فذلك قوله تعالى: " ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون ".
(خاشعة أبصارهم) أي ذليلة متواضعة، ونصبها على الحال. (ترهقهم ذلة) وذلك أن المؤمنين يرفعون رؤوسهم ووجوههم أشد بياضا من الثلج. وتسود وجوه المنافقين والكافرين حتى ترجع أشد سوادا من القار.
قلت: معنى حديث أبي موسى وابن مسعود ثابت في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري وغيره.