قوله تعالى: فلما رأوها قالوا إنا لضالون 26 بل نحن محرومون 27 قوله تعالى: (فلما رأوها قالوا إنا لضالون) أي لما رأوها محترقة لا شئ فيها قد صارت كالليل الأسود ينظرون إليها كالرماد، أنكروها وشكوا فيها. وقال بعضهم لبعض:
" إنا لضالون " أي ضللنا الطريق إلى جنتنا، قاله قتادة. وقيل: أي إنا لضالون عن الصواب في غدونا وعلى نية منع المساكين، فلذلك عوقبنا. (بل نحن محرومون) أي حرمنا جنتنا بما صنعنا. روى أسباط عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إياكم والمعاصي إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به رزقا كان هئ له - ثم تلا - " فطاف عليها طائف من ربك " [القلم: 19]) الآيتين.
قوله تعالى: قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون 28 قالوا سبحن ربنا إنا كنا ظالمين 29 فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون 30 قولوا يا ويلنا إنا كنا طاغين 31 عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون 32 قوله تعالى: (قال أوسطهم) أي أمثلهم وأعدلهم وأعقلهم. (ألم أقل لكم لولا تسبحون) أي هلا تستثنون. وكان استثناؤهم تسبيحا، قال مجاهد وغيره. وهذا يدل على أن هذا الأوسط كان أمرهم بالاستثناء فلم يطيعوه. قال أبو صالح: كان استثناؤهم سبحان الله.
فقال لهم: هلا تسبحون الله، أي تقولون سبحان الله وتشكرونه على ما أعطاكم. قال النحاس:
أصل التسبيح التنزيه لله عز وجل، فجعل مجاهد التسبيح في موضع إن شاء الله، لان المعنى تنزيه الله عز وجل أن يكون شئ إلا بمشيئته. وقيل: هلا تستغفرونه من فعلكم وتتوبون إليه من خبث نيتكم، فإن أوسطهم قال لهم حين عزموا على ذلك وذكرهم انتقامه من المجرمين (قالوا سبحان ربنا) اعترفوا بالمعصية ونزهوا الله عن أن يكون ظالما فيما فعل. قال ابن عباس في قولهم: " سبحان ربنا " أي نستغفر الله من ذنبنا. (إنا كنا ظالمين) لأنفسنا