فيه أربع مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت) يدل على وجوب تعجيل أداء الزكاة، ولا يجوز تأخيرها أصلا. وكذلك سائر العبادات إذا تعين وقتها الثانية - قوله تعالى: (فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين) سأل الرجعة إلى الدنيا ليعمل صالحا. وروى الترمذي عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس قال: من كان له مال يبلغه حج بيت ربه أو تجب عليه فيه زكاة فلم يفعل، سأل الرجعة عند الموت. فقال رجل: يا بن عباس، اتق الله، إنما سأل الرجعة الكفار. فقال: سأتلو عليك بذلك قرانا: " يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون. وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين إلى قوله والله خبير بما تعملون " قال: فما يوجب الزكاة؟ قال: إذا بلغ المال (1) مائتين فصاعدا. قال: فما يوجب الحج؟ قال: الزاد والراحلة.
" قلت ": ذكره الحليمي أبو عبد الله الحسين بن الحسن في كتاب (منهاج الدين) مرفوعا فقال: وقال ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان عنده مال يبلغه الحج... الحديث، فذكره. وقد تقدم في " آل عمران " (2) لفظه.
الثالثة - قال ابن العربي: " أخذ ابن عباس بعموم الآية في إنفاق الواجب خاصة دون النفل، فأما تفسيره بالزكاة فصحيح كله عموما وتقديرا بالمائتين. وأما القول في الحج ففيه إشكال، لأنا إن قلنا: إن الحج على التراخي ففي المعصية في الموت قبل الحج خلاف بين العلماء، فلا تخرج الآية عليه. وإن قلنا: إن الحج على الفور فالآية في العموم صحيح، لان من وجب عليه الحج فلم يؤده لقي من الله ما يود أنه رجع ليأتي بما ترك من العبادات. وأما تقدير الامر بالزاد والراحلة ففي ذلك خلاف مشهور بين العلماء. وليس لكلام ابن عباس