وأجاز العطف على الضمير لئلا يتكرر. وأنكر ذلك الزجاج إلا في ضرورة الشعر. وقيل:
المعنى فاستوى جبريل بالأفق الاعلى، وهو أجود. وإذا كان المستوي جبريل فمعنى (ذو مرة) في وصفه ذو منطق حسن، قاله ابن عباس. وقال قتادة: ذو خلق طويل حسن. وقيل:
معناه ذو صحة جسم وسلامة من الآفات، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي (1)). وقال امرؤ القيس:
كنت فيهم أبدا ذا حيلة * محكم المرة مأمون العقد وقد قيل: (ذو مرة) ذو قوة. قال الكلبي: وكان من شدة جبريل عليه السلام: أنه اقتلع مدائن قوم لوط من الأرض السفلى (2)، فحملها على جناحه حتى رفعها إلى السماء، حتى سمع أهل السماء نبح كلابهم وصياح ديكتهم ثم قلبها. وكان من شدته أيضا: أنه أبصر إبليس يكلم عيسى عليه السلام على بعض عقاب من الأرض المقدسة فنفحه بجناحه نفحة ألقاه بأقصى جبل في الهند. وكان من شدته: صيحته بثمود في عددهم وكثرتهم، فأصبحوا جاثمين خامدين.
وكان من شدته: هبوطه من السماء على الأنبياء وصعوده إليها في أسرع من الطرف. وقال قطرب: تقول العرب لكل جزل الرأي حصيف العقل: ذو مرة. قال الشاعر:
قد كنت قبل لقاكم ذا مرة * عندي لكل مخاصم ميزانه وكان من جزالة رأيه وحصافة عقله: أن الله ائتمنه على وحيه إلى جميع رسله. قال الجوهري: والمرة إحدى الطبائع الأربع، والمرة القوة وشدة العقل أيضا. ورجل مرير أي قوي ذو مرة. قال:
ترى الرجل النحيف فتزدريه * وحشو ثيابه أسد مرير (3) وقال لقيط:
حتى استمرت على شزر مريرته * مر العزيمة لا رتا ولا (4) ضرعا