كقوله تعالى: (فاسأل به خبيرا (1)) أي فاسأل عنه. النحاس: قول قتادة أولى، وتكون (عن) على بابها، أي ما يخرج نطقه عن رأيه، إنما هو بوحي من الله عز وجل، لان بعده:
(إن هو إلا وحي يوحى).
الثانية - قد يحتج بهذه الآية من لا يجوز لرسول الله صلى الله عليه وسلم الاجتهاد في الحوادث. وفيها أيضا دلالة على أن السنة كالوحي المنزل في العمل. وقد تقدم في مقدمة الكتاب حديث المقدام بن معدى كرب (2) في ذلك والحمد لله. قال السجستاني: إن شئت أبدلت (إن هو إلا وحي يوحى) من (ما ضل صاحبكم) قال ابن الأنباري: وهذا غلط، لان (إن) الخفيفة لا تكون مبدلة من (ما) الدليل على هذا أنك لا تقول: والله ما قمت إن أنا لقاعد.
قوله تعالى: (علمه شديد القوى) يعني جبريل عليه السلام في قول سائر المفسرين، سوى الحسن فإنه قال: هو الله عز وجل، ويكون قوله تعالى: (ذو مرة) على قول الحسن تمام الكلام، ومعناه ذو قوة والقوة من صفات الله تعالى، وأصله من شدة فتل الحبل، كأنه استمر به الفتل حتى بلغ إلى غاية يصعب معها الحل. ثم قال: (فاستوى) يعني الله عز وجل، أي استوى على العرش. روي معناه عن الحسن. وقال الربيع بن أنس والفراء:
(فاستوى. وهو بالأفق الا على) أي استوى جبريل ومحمد عليهما الصلاة والسلام. وهذا على العطف على المضمر المرفوع ب (هو). وأكثر العرب إذا أرادوا العطف في مثل هذا الموضع أظهروا كناية المعطوف عليه، فيقولون: استوى هو وفلان، وقلما يقولون استوى وفلان، وأنشد الفراء:
ألم تر أن النبع يصلب عوده * ولا يستوي والخروع المتقصف (3) أي لا يستوي هو والخروع، ونظير هذا: (أئذا كنا ترابا وآباؤنا (1)) والمعنى أئذا كنا ترابا نحن وآباؤنا. ومعنى الآية: استوى جبريل هو ومحمد عليهما السلام ليلة الاسراء بالأفق الاعلى.