المهدوي والثعلبي (1). وقال أنس بن مالك: (إذ يغشى السدرة ما يغشى) قال جراد من ذهب وقد رواه مرفوعا. وقال مجاهد: إنه رفرف أخضر. وعنه عليه السلام: (يغشاها رفرف من طير خضر). وعن ابن عباس: يغشاها رب العزة، أي أمره كما في صحيح مسلم مرفوعا: (فلما غشيها من أمر الله ما غشي). وقيل: هو تعظيم الامر، كأنه قال: إذ يغشى السدرة ما أعلم الله به من دلائل ملكوته. وهكذا قوله تعالى: (فأوحى إلى عبده ما أوحى) (والمؤتفكة أهوى. فغشاها ما غشى) ومثله: (الحاقة ما الحاقة (2)). وقال الماوردي في معاني القرآن له: فإن قيل لم اختيرت السدرة لهذا الامر دون غيرها من الشجر؟ قيل:
لان السدرة تختص بثلاثة أوصاف: ظل مديد، وطعم لذيذ، ورائحة ذكية، فشابهت الايمان الذي يجمع قولا وعملا ونية، فظلها من الايمان بمنزلة العمل لتجاوزه، وطعمها بمنزلة النية لكمونه، ورائحتها بمنزلة القول لظهوره. وروى أبو داود في سننه قال: حدثنا نصر ابن علي قال حدثنا أبو أسامة عن ابن جريج عن عثمان بن أبي سليمان عن سعيد بن محمد ابن جبير بن مطعم عن عبد الله بن حبشي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار) وسئل أبو داود عن معنى هذا الحديث فقال: هذا الحديث مختصر يعني من قطع سدرة في فلاة يستظل بها ابن السبيل والبهائم عبثا وظلما بغير حق يكون له فيها صوب الله رأسه في النار.
قوله تعالى: (ما زاغ البصر وماء طغى) قال ابن عباس: أي ما عدل يمينا ولا شمالا، ولا تجاوز الحد الذي رأى. وقيل: ما جاوز ما أمر به. وقيل: لم يمد بصره إلى غير ما رأى