إذا كذبوا وخالفوا كما قال الله تعالى: (وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون (1)) ف (ما) نفي أي ليست تغني عنهم النذر. ويجوز أن يكون استفهاما بمعنى التوبيخ، أي فأي شئ تغني النذر عنهم وهم معرضون عنها. و (النذر) يجوز أن تكون بمعنى الانذار، ويجوز أن تكون جمع نذير.
قوله تعالى: (فتول عنهم) أي أعرض عنهم. قيل: هذا منسوخ بآية السيف.
وقيل: هو تمام الكلام. ثم قال: (يوم يدع الداع) العامل في (يوم) (يخرجون من الأجداث) أو (خشعا) أو فعل مضمر تقديره واذكر يوم. وقيل: على حذف حرف الفاء وما عملت فيه من جواب الامر، تقديره: فتول عنهم فإن لهم يوم يدعو الداعي. وقيل:
تول عنهم يا محمد فقد أقمت الحجة وأبصرهم يوم يدعو الداعي. وقيل: أي أعرض عنهم يوم القيامة ولا تسأل عنهم وعن أحوالهم، فإنهم يدعون (إلى شئ نكر) وينالهم عذاب شديد. وهو كما تقول: لا تسأل عما جرى على فلان إذا أخبرته بأمر عظيم. وقيل: أي وكل أمر مستقر يوم يدعوا الداعي. وقرأ ابن كثير (نكر) بإسكان الكاف، وضمها الباقون وهما لغتان كعسر وعسر وشغل وشغل، ومعناه الامر الفظيع العظيم وهو يوم القيامة.
والداعي هو إسرافيل عليه السلام. وقد روي عن مجاهد وقتادة أنهما قرءا (إلى شئ نكر) بكسر الكاف وفتح الراء على الفعل المجهول. (خشعا أبصارهم) الخشوع في البصر الخضوع والذلة، وأضاف الخشوع إلى الابصار لان أثر العز والذل يتبين في ناظر الانسان، قال الله تعالى: (أبصارها خاشعة (2)) وقال تعالى: (خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي (3)).
ويقال: خشع واختشع إذا ذل. وخشع ببصره أي غضه. وقرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو (خاشعا) بالألف ويجوز في أسماء الفاعلين إذا تقدمت على الجماعة التوحيد، نحو: (خاشعا أبصارهم) والتأنيث نحو: (خاشعة أبصارهم (4)) ويجوز الجمع نحو: (خشعا أبصارهم) قال (5):
وشباب حسن أوجههم * من إياد بن نزار بن معد