أي بدائم. وقيل: يشبه بعضه بعضا، أي قد استمرت أفعال محمد على هذا الوجه فلا يأتي بشئ له حقيقة بل الجميع تخييلات. وقيل: معناه قد مر من الأرض إلى السماء. (وكذبوا) نبينا (واتبعوا أهواءهم) أي ضلالاتهم واختياراتهم. (وكل أمر مستقر) أي يستقر بكل عامل عمله، فالخير مستقر بأهله في الجنة، والشر مستقر بأهله في النار.
وقرأ شيبة (مستقر) بفتح القاف، أي لكل شئ وقت يقع فيه من غير تقدم وتأخر.
وقد روي عن أبي جعفر بن القعقاع (وكل أمر مستقر) بكسر القاف والراء جعله نعتا لأمر و (كل) على هذا يجوز أن يرتفع بالابتداء والخبر محذوف، كأنه قال: وكل أمر مستقر في أم الكتاب كائن. ويجوز أن يرتفع بالعطف على الساعة، المعنى: اقتربت الساعة وكل أمر مستقر، أي اقترب استقرار الأمور يوم القيامة. ومن رفعه جعله خبرا عن (كل).
قوله تعالى: (ولقد جاءهم من الانباء) أي من بعض الانباء، فذكر سبحانه من ذلك ما علم أنهم يحتاجون إليه، وأن لهم فيه شفاء. وقد كان هناك أمور أكثر من ذلك، وإنما اقتص علينا ما علم أن بنا إليه حاجة وسكت عما سوى ذلك، وذلك قوله تعالى: (ولقد جاءهم من الانباء) أي جاء هؤلاء الكفار من أنباء الأمم الخالية (ما فيه مزدجر) أي ما يزجرهم عن الكفر لو قبلوه. وأصله مزتجر فقلبت التاء دالا، لان التاء حرف مهموس والزاي حرف مجهور، فأبدل من التاء دالا توافقها في المخرج وتوافق الزاي في الجهر.
و (مزدجر) من الزجر وهو الانتهاء، يقال: زجره وازدجره فانزجر وازدجر، وزجرته أنا فانزجر أي كففته فكف، كما قال:
فأصبح ما يطلب الغانيات * مزدجرا عن هواه ازدجارا وقرئ (مزجر) بقلب تاء الافتعال زايا وإدغام الزاي فيها، حكاه الزمخشري.
(حكمة بالغة) يعني القران وهو بدل من (ما) من قوله: (ما فيه مزدجر).
ويجوز أن يكون خبر ابتداء محذوف، أي هو حكمة. (فما تغن النذر)