" لما يتفجر " في موضع نصب، لأنها اسم إن واللام للتأكيد. " منه " على لفظ ما، ويجوز منها على المعنى، وكذلك " وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء ". وقرأ قتادة " وإن " في الموضعين، مخففة من الثقيلة قوله تعالى: (وإن منها لما يهبط من خشية الله) يقول إن من الحجارة ما هو أنفع من قلوبكم، لخروج الماء منها وترديها. قال مجاهد: ما تردى حجر من رأس جبل، ولا تفجر نهر من حجر، ولا خرج منه ماء إلا من خشية الله، نزل بذلك القرآن الكريم. ومثله عن ابن جريج. وقال بعض المتكلمين في قوله: " وإن منها لما يهبط من خشية الله ": البرد الهابط من السحاب. وقيل: لفظة الهبوط مجاز، وذلك أن الحجارة لما كانت القلوب تعتبر بخلقها، وتخشع بالنظر إليها، أضيف تواضع الناظر إليها، كما قالت العرب: ناقة تاجرة، أي تبعث من يراها على شرائها. وحكى الطبري عن فرقة أن الخشية للحجارة مستعارة، كما استعيرت الإرادة للجدار في قوله: " يريد أن ينقض " وكما قال زيد الخيل: (1) لما أتى خبر الزبير تواضعت * سور المدينة والجبال الخشع وذكر ابن بحر أن الضمير في قوله تعالى: " وإن منها " راجع إلى القلوب لا إلى الحجارة أي من القلوب لما يخضع من خشيه الله.
قلت: كل ما قيل يحتمله اللفظ، والأول صحيح، فإنه لا يمتنع أن يعطى بعض الجمادات المعرفة فيعقل، كالذي روي عن الجذع الذي كان يستند إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب، فلما تحول عنه حن، وثبت عنه أنه قال: (إن حجرا كان يسلم علي في الجاهلية