العاشرة - قوله تعالى: (وهو بكل شئ عليم) أي بما خلق وهو خالق كل شئ، فوجب أن يكون عالما بكل شئ، وقد قال: " ألا يعلم من خلق (1) " [الملك: 14] فهو العالم والعليم بجميع المعلومات بعلم قديم أزلي واحد قائم بذاته، ووافقنا المعتزلة على العالمية دون العلمية. وقالت الجهمية: عالم بعلم قائم لا في محل، تعالى الله عن قول أهل الزيغ والضلالات، والرد على هؤلاء في كتب الديانات. وقد وصف نفسه سبحانه بالعلم فقال: " أنزله بعلمه والملائكة يشهدون (2) " [النساء: 166]، وقال: " فاعلموا أنما أنزل بعلم الله " [هود: 14]، وقال: " فلنقصن عليهم بعلم " [الأعراف: 7]، وقال: " وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه " [فاطر: 11]، وقال: " وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو " [الانعام: 59] الآية. وسندل على ثبوت علمه وسائر صفاته في هذه السورة عند قوله: " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر (4) " [البقرة: 185] إن شاء الله تعالى. وقرأ الكسائي وقالون عن نافع بإسكان الهاء من: هو وهي، إذا كان قبلها فاء أو واو أو لام أو ثم، وكذلك فعل أبو عمرو إلا مع ثم.
وزاد أبو عون عن الحلواني عن قالون إسكان الهاء من " أن يمل هو " والباقون بالتحريك.
قوله تعالى: وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون (30) قوله تعالى: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) فيه سبع عشرة مسألة:
الأولى: قوله تعالى " وإذ قال ربك للملائكة " إذ وإذا حرفا توقيت، فإذ للماضي، وإذا للمستقبل، وقد توضع إحداهما موضع الأخرى. وقال المبرد: إذا جاء " إذ " مع مستقبل كان معناه ماضيا، نحو قوله: " وإذ يمكر بك " [الأنفال: 30] " وإذ تقول للذي أنعم الله عليه " [الأحزاب: 37] معناه إذ مكروا، وإذ قلت. وإذا جاء " إذا " مع الماضي كان معناه مستقبلا، كقوله تعالى: " فإذا جاءت الطامة " [النازعات: 34] " فإذا جاءت الصاخة " [عبس: 33] و " إذا جاء نصر الله " [النصر: 1]