أراد مثل الطعن، وبمثل ابن الماء. ويجوز أن يكون الخبر محذوفا، تقديره مثلهم مستقر كمثل، فالكاف على هذا حرف. والمثل والمثل والمثيل واحد ومعناه الشبيه. والمتماثلان:
المتشابهان، هكذا قال أهل اللغة.
قوله " الذي " يقع للواحد والجمع. قال ابن الشجري هبة الله بن علي: ومن العرب من يأتي بالجمع بلفظ الواحد، كما قال:
وإن الذي حانت بفلج دماؤهم * هم القوم كل القوم يا أم خالد (1) وقيل في قول الله تعالى " والذي (2) جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون " [الزمر: 33]: إنه بهذه اللغة، وكذلك قوله: " مثلهم كمثل الذي " قيل: المعنى كمثل الذين استوقدوا، ولذلك قال:
" ذهب الله بنورهم "، فحمل أول الكلام على الواحد، وآخره على الجمع. فأما قوله تعالى:
" وخضتم كالذي (3) خاضوا " [التوبة: 69] فإن الذي هاهنا وصف لمصدر محذوف تقديره وخضتم كالخوض الذي خاضوا. وقيل: إنما وحد " الذي " و " استوقد " لان المستوقد كان واحدا من جماعة تولى الايقاد لهم، فلما ذهب الضوء رجع عليهم جميعا فقال " بنورهم ". واستوقد بمعنى أوقد، مثل استجاب بمعنى أجاب، فالسين والتاء زائدتان، قاله الأخفش، ومنه قول الشاعر: (4) وداع دعا يا من يجيب إلى الندى * فلم يستجبه عند ذاك مجيب أي يجبه. واختلف النحاة في جواب لما، وفي عود الضمير من " نورهم "، فقيل: جواب لما محذوف وهو طفئت، والضمير في " نورهم " على هذا للمنافقين، والاخبار بهذا عن حال تكون في الآخرة، كما قال تعالى: " فضرب بينهم بسور له باب (5) " [الحديد: 13]. وقيل: جوابه " ذهب "، والضمير في " نورهم " عائد على " الذي "، وعلى هذا القول يتم تمثيل المنافق بالمستوقد، لان بقاء المستوقد في ظلمات لا يبصر كبقاء المنافق في حيرته وتردده. والمعنى المراد بالآية ضرب مثل للمنافقين،