الألباب وتذهب في حقائق صفاته والفكر في معرفته. فعلى هذا أصل " إلاه " " ولاه " وأن الهمزة مبدلة من واو كما أبدلت في إشاح ووشاح، وإسادة ووسادة، وروى عن الخليل.
وروى عن الضحاك أنه قال: إنما سمى " الله " إلها لأن الخلق يتألهون إليه في حوائجهم، ويتضرعون إليه عند شدائدهم. وذكر عن الخليل بن أحمد أنه قال: لأن الخلق يألهون إليه (بنصب اللام) ويألهون أيضا (بكسرها) وهما لغتان. وقيل إنه مشتق من الارتفاع، فكانت العرب تقول لكل شئ مرتفع: لاها فكانوا يقولون إذا طلعت الشمس: لاهت.
وقيل: هو مشتق من أله الرجل إذا تنسك، ومن ذلك قوله تعالى: " ويذرك وإلاهتك " على هذه القراءة، فإن ابن عباس وغيره قالوا: وعبادتك.
قالوا: فاسم الله مشتق من هذا، فالله سبحانه معناه المقصود بالعبادة، ومنه قول الموحدين: لا إله إلا الله، معناه لا معبود غير الله. و " إلا " في الكلمة بمعنى غير، لا بمعنى الاستثناء. وزعم بعضهم أن الأصل فيه " الهاء " التي هي الكناية عن الغائب، وذلك أنهم أثبتوه موجدا في فطر عقولهم فأشاروا إليه بحرف الكناية ثم زيدت فيه لام الملك إذ قد علموا أنه خالق الأشياء ومالكها فصار " له " ثم زيدت فيه الألف واللام تعظيما وتفخيما.
القول الثاني: ذهب إليه جماعة من العلماء أيضا منهم الشافعي وأبو المعالي والخطابي والغزالي والمفضل وغيرهم، وروى عن الخليل وسيبويه: أن الألف واللام لازمة له لا يجوز حذفها منه. قال الخطابي: والدليل على أن الألف واللام من بنية هذا الاسم، ولم يدخلا للتعريف، ألا ترى أنك لا تقول: يا الرحمن ولا يا الرحيم، كما تقول:
يا لله، فدل على أنهما من بنية الاسم. والله أعلم.
الثانية والعشرون - واختلفوا أيضا في اشتقاق اسمه الرحمن، فقال بعضهم: لا اشتقاق له لأنه من الأسماء المختصة به سبحانه، ولأنه لو كان مشتقا من الرحمة لا تصل بذكر المرحوم، فحاز أن يقال: الله رحمن بعباده، كما يقال: رحيم بعباده. وأيضا لو كان مشتقا من الرحمة