كما روى عن الصحابة: كنا لا نعرف انقضاء السورة حتى تنزل " بسم الله الرحمن الرحيم " أخرجه أبو داود - أو تبركا بها، كما قد اتفقت الأمة على كتابتها في أوائل الكتب والرسائل؟
كل ذلك محتمل. وقد قال الجريري (1): سئل الحسن عن " بسم الله الرحمن الرحيم " قال:
في صدور الرسائل. وقال الحسن أيضا: لم تنزل " بسم الله الرحمن الرحيم " في شئ من القرآن إلا في " طس " " إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ". والفيصل أن القرآن لا يثبت بالنظر والاستدلال، وإنما يثبت بالنقل المتواتر القطعي الاضطراري. ثم قد اضطرب قول الشافعي فيها في أول كل سورة فدل على أنها ليست بآية من كل سورة، والحمد لله.
فإن قبل: فقد روى جماعة قرآنيتها، وقد تولى الدارقطني جمع ذلك في جزء صححه.
قلنا: لسنا ننكر الرواية بذلك وقد أشرنا إليها، ولنا أخبار ثابتة في مقابلتها، رواها الأئمة الثقات والفقهاء الأثبات. روت عائشة في صحيح مسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بالحمد لله رب العالمين، الحديث. وسيأتي بكماله.
وروى مسلم أيضا عن أنس بن مالك قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين، لا يذكرون " بسم الله الرحمن الرحيم " لا في أول قراءة ولا في آخرها.
ثم إن مذهبنا يترجح في ذلك بوجه عظيم، وهو المعقول، وذلك أن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة انقضت عليه العصور، ومرت عليه الأزمنة والدهور، من لدن رسول الله صلى اله عليه وسلم إلى زمان مالك، ولم يقرأ أحد فيه قط " بسم الله الرحمن الرحيم " اتباعا للسنة، وهذا يرد أحاديثكم.
بيد أن أصحابنا استحبوا قراءتها في النفل، وعليه تحمل الآثار الواردة في قراءتها أول على السعة في ذلك. قال مالك: ولا بأس أن يقرأ بها في النافلة ومن يعرض القرآن عرضا.