الرسائل الفقهية - الوحيد البهبهاني - الصفحة ١٩٨
مع أن الشيخ صنف كتابه " الخلاف " لنقل الخلافيات والأقوال والآراء، حتى أنه ينقل آراء العامة وغيرهم من أهل الخلاف، فضلا عن الخاصة، ووضع كتابه وتأليفه ليس إلا لذلك، وبذل جهده في ذلك، فهو مع نهاية قرب عهده بالمتقدمين، بل وكونه منهم وأدرك أعاظمهم، واطلع على كلام من لم يدركه بالبديهة، لكمال مهارته، ومع ذلك لم ينقل من أحد قولا بتحريم الجمع المذكور، بل ولا إشكالا ولا شبهة في عدمه، بل ولا في عدم كراهته.
بل كلامه ينادي بإباحته، كإباحة الجمع بين النساء ما عدا الأختين، مع أنه هو الراوي للرواية المذكورة، وتأليفه ل‍ " الخلاف " بعد " التهذيب " قطعا، بل " التهذيب " أول كتبه في الفقه، ثم ألف بعده " النهاية " على طبق ما اختار وذكر في " التهذيب "، ثم بعده " الاستبصار " وغيره من تأليفاته، فجميعها بعد " التهذيب " بلا شبهة.
فلو كان قائلا بحرمة الجمع المذكور، فكيف أظهر في الخلافية خلافه، بل أعرض عن ذكره بالمرة حتى في مقام الكراهة، وترك الأولى، مع أنه روى ما روى، ورأيه بالمسامحة فيهما بلا خفاء، ووافق في جميع ما ذكره باقي الفقهاء، مع أنه أظهر عن حال الفقهاء بأجمعهم فيما ذكر؟!
مع أنه قد أكثر من نقل أقوال شاذة شديدة الشذوذ خالية عن المستند - بحسب الوجدان - وفي المقامات التي ليس الاهتمام بحالها كالاهتمام بحال الفروج، فكيف لم ينقل قولا بالتحريم المذكور، بل ولم يستشكل أصلا، مع أنه هو الراوي للرواية المذكورة؟!
بل سلك في " المبسوط ". " والجمل " وغيرهما مسلك " الخلاف "، مع أنه يذكر فيها الأقوال الموردة للاستشكال بلا شبهة.
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»
الفهرست