والقول الثاني: أنها عامة دخلها التخصيص بدليل أنه لو قتله كافر ثم أسلم الكافر سقطت عنه العقوبة في الدنيا والآخرة فإذا ثبت كونها من العام المخصص فأي دليل صلح للتخصيص وجب العمل به. ومن أسباب التخصيص أن يكون قد قتله مستحيلا لأجل إيمانه فيستحق التخليد لاستحلاله.
أخبرنا المبارك بن علي قال: أبنا أحمد بن الحسين بن قريش قال: أبنا إبراهيم بن عمر البرمكي قال: أبنا محمد بن إسماعيل بن العباس قال: أبنا أبو بكر بن أبي داود قال: بنا الحسن بن عطاء وأحمد بن محمد الحسين قالا: بنا خلاد بن يحيى قال: بنا أنس بن مالك الصيرفي أبو روية عن أنس بن مالك قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية وعليها أمير فلما انتهى إلى أهل ماء خرج إليه رجل من أهل الماء فخرج إليه رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إلى ما تدعو؟ فقال: إلى الإسلام قال: وما الإسلام؟
قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن تقر بجميع الطاعة قال:
هذا؟ قال: نعم فحمل عليه فقتله لا يقتله إلا على الإسلام فنزلت: * (ومن يقتل مؤمنا متعمدا) * لا يقتل إلا على إيمانه الآية كلها.
قال سعيد بن جبير: نزلت في مقيس بن ضبابة قتل مسلما عمدا وارتد كافرا وقد ضعف هذا الوجه أبو جعفر النحاس فقال: ومن لفظ عام لا يخص إلا بتوقيف أو دليل قاطع وقد ذهب قوم إلى أنها مخصوصة في حق من لم يتب بدليل قوله تعالى:
* (إلا من تاب) * والصحيح أن الآيتين محكمتان فإن كانت التي في النساء أنزلت أولا فإنها محكمة نزلت على حكم الوعيد غير مستوفاة الحكم ثم بين حكمها في الآية التي في الفرقان وكثير من المفسرين منهم ابن عباس وأبو مجلز وأبو صالح.
يقولون فجزاؤه جهنم إن جازاه وقد روى لنا مرفوعا إلا أنه لا يثبت رفعه والمعنى يستحق الخلود غير أنه لا يقطع له به.