تفسير النسفي - النسفي - ج ٤ - الصفحة ٨٥
فصلت (12 - 11)) فقضاهن سبع سماوات في يومين فيكون خلاف قوله في ستة أيام في موضع اخر وفي الحديث ان الله تعالى خلق الأرض يوم الأحد والاثنين وخلق لاجبال يوم الثلاثاء وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والعمران والخراب فتلك أربعة أيام وخلق يوم الخميس السماء وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة وخلق ادم عليه السلام في اخر ساعة من يوم الجمعة قيل هي الساعة التي تقوم فيها القيامة * (سواء) * يعقوب صفة للأيام اى في أربعة أيام مستويات تامات سواء بالرفع يزيد اى هي سواء غيرهما سواء على المصدر اى استوت سواء اي استواء أو على الحال * (للسائلين) * متعلق بقدر اى قدر فيها الأفوات لأجل الطالبين لها والمحتاجين إليها لان كلا يطلب القوت ويساله أو بمحذوف كأنه قيل هذا الحصر لأجل من سال في كم خلقت الأرض وما فيها * (ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين) * هو مجاز عن ايجاد الله تعالى السماء على ما أراد تقول العرب فعل فلان كذا ثم استوى إلى عمل كذا يريدون انه أكمل الأول وابتدا الثاني ويفهم منه ان خلق السماء كان بعد خلق الأرض وبه قال ابن عباس رضي الله عنهما وعنه أنه قال أول ما خلق الله تعالى جوهرة طولها وعرضها مسيرة الف سنة في مسيرة عشرة آلاف سنة فنظر إليها بالهيبة فذابت واضطربت ثم ثار منها دخان بتسليط النار عليها فارتفع واجتمع زبد فقام فوق الماء فجعل الزبد أرضا والدخان سماء ومعنى امر السماء والأرض بالاتيان وامتثالهما اليه أراد ان يكونهما فلم يمتنعا عليه ووجدنا كما ارادهما وكانتا في ذلك كالمأمور المطيع إذا ورد عليه فعل الامر المطاع وانما ذكر الأرض مع السماء في الامر بالاتيان والأرض مخلوقة قبل السماء بيومين لأنه قد خلق جرم الأرض أولا غير مدحوة ثم دحاها بعد خلق السماء كما قال والأرض بعد ذلك دحاها فالمعنى ان ائتيا على ما ينبغي عليه ان تأتيا من الشكل والوصف ائتى يا ارض مدحو قرار ا ومهادا لأهلك وائتى يا سماء مقبية سقفا لهم ومعنى الاتيان الحصول والوقوع كما تقول اتى عمله مرضيا وقوله طوعا أو كرها لبيان تأثير قدرته فيهما وان امتناعهما من تأثير قدرته محال كما تقول لمن تحت يدك لتفعلن هذا شئت أو أبيت ولتفعلنه طوعا أو كرها ونتصابها على الحال بمعنى طائعتين أو مكرهتين وانما لم يقل طائعتين على اللفظ أو طائعات على المعنى لأنهما سماوات وارضون لأنهن لما جعلن مخاطبات ومجيبات ووصفن بالطوع والكره قيل طائعين في موضع طائعات كقوله ساجدين * (فقضاهن) * فاحكم خلقهن قال وعليهما مسوردتان قضاهما والضمير يرجع إلى السماء لان السماء للجنس ويجوز ان يكون ضميرا مبهما مفسرا بقوله * (سبع سماوات) * والفرق بين النصيين في سبع سماوات ان لأول على الحال والثاني على التمييز * (في يومين) * في يوم الخميس والجمعة * (وأوحى في كل سماء أمرها) * ما امر به فيها ودبره
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»