تفسير النسفي - النسفي - ج ٤ - الصفحة ٣٦٦
فخاص لا شركة فيه وعطف البيان للبيان فكأنه مظنة للاظهار دون الاضمار وإنما أضيف الرب إلى الناس خاصة وان كان رب كل مخلوق تشريفا لهم ولأن الاستعاذة وقعت من شر الموسوس في صدور الناس فكأنه قيل أعوذ من شر الموسوس إلى الناس بربهم الذي يملك عليهم أمورهم وهو إلههم ومعبودهم وقيل أراد بالأول الأطفال ومعنى الربوبية يدل عليه وبالثاني الشبان ولفظ الملك المنبئ عن السياسة يدل عليه وبالثالث الشيوخ ولفظ الاله المنبئ عن العبادة يدل عليه وبالرابع الصالحين إذ الشيطان مولع باغوائهم وبالخامس المفسدين لعطفه على المعوذ منه * (من شر الوسواس) * هو اسم بمعنى الوسوسة كالزلزال بمعنى الزلزلة وأما المصدر فوسواس بالكسر كالزلزال والمراد به الشيطان سمى بالمصدر كأنه وسوسة في نفسه لأنها شغله الذي هو عاكف عليه أو أريد ذو الوسواس والوسوسة الصوت الخفي * (الخناس) * الذي عادته أن يخنس منسوب إلى الخنوس وهو التأخر كالعواج والنتات لما روى عن سعيد بن جبير إذا ذكر الانسان ربه خنس الشيطان وولى وإذا غفل رجع ووسوس اليه * (الذي يوسوس في صدور الناس) * في محل الجر على الصفة أو الرفع أو النصب على الشتم وعلى هذين الوجهين يحسن الوقف على الخناس * (من الجنة والناس) * بيان للذي يوسوس على أن الشيطان ضربان جنى وانسى كما قال شياطين الإنس والجن وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه قام لرجل هل تعوذت بالله من شيطان الانس روى أنه عليه السلام سحر فمرض فجاءه ملكان وهو نائم فقال أحدهما لصاحبه ما باله فقال طب قال ومن طبه قال لبيد بن أعصم اليهودي قال وبم طبه قال بمشط ومشاطة في جف طلعة تحت راعوفة في بئر ذي أروان فانتبه صلى الله عليه وسلم فبعث زبيرا وعليا وعمارا رضي الله عنهم فنزحوا ماء البئر واخرجوا الجف فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان من مشطه وإذا فيه وتر معقد فيه احدى عشرة عقدة مغروزة بالابر فنزلت هاتان السورتان فكلما قرأ جبريل آية انحلت عقدة حتى قال صلى الله عليه وسلم عندانحلال العقدة الأخيرة كأنما نشط من عقال وجعل جبريل يقول بسم الله أرقيك والله يشفيك من كل داء يؤذيك ولهذا جوز الاسترقاء بما كان من كتاب الله وكلام رسول عليه السلام لا بما كان بالسريانية والعبرانية والهندية فإنه لا يحل اعتقاده والاعتماد عليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيآت أعمالنا وأقوالنا ومن شر ما عملنا وما لم نعمل ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ونبيه وصفيه أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون صلى الله عليه وعلى آله مصابيح الأنام وأصحابه مفاتيح دار السلام صلاة دائمة ما دامت الليالي والأيام تم بعون الله تعالى طبع كتاب تفسير النسفي
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366