تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ١٢٥
المودة في القربى) قال سعيد بن جبير قربى آل محمد صلى الله عليه وسلم فقال ابن عباس رضي الله عنهما عجبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة فقال إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة وكذلك روى الشعبي وطاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال (إلا المودة في القربى) يعني أن تحفظوا قرابتي وتودوني وتصلوا رحمي وإليه ذهب مجاهد وقتادة وعكرمة ومقاتل والسدي والضحاك رضي الله عنهم وقال عكرمة لا أسئلكم على ما أدعوكم إليه أجرا إلا أن تحفظوني في قرابتي بيني وبينكم وليس كما يقول الكذابون وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس في معنى الآية إلا أن تودوا الله ويتقربوا إليه بطاعته وهذا قول الحسن قال هو القربى إلى الله يقول إلا التقرب إلى الله والتودد إليه بالطاعة والعمل الصالح وقال بعضهم معناه إلا أن تودوا قرابتي وعترتي وتحفظوني فيهم وهو قول سعيد بن جبير وعمرو بن شعيب واختلفوا في قرابته فاطمة الزهراء وعلي وابناه وفيهم نزل (إنما يريد ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) وروينا عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال \ إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي \ قيل لزيد بن أرقم من أهل بيته قال هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا عبد الله بن عبد الوهاب ثنا خالد ثنا شعبة عن واقد قال سمعت أبي يحدث عن ابن عمر عن أبي بكر قال ارقبوا محمدا في أهل بيته وقيل هم الذين تحرم عليهم الصدقة من أقاربه ويقسم فيهم الخمس وهم بنو هاشم وبنو المطلب الذين لم يتفرقوا في جاهلية ولا في إسلام وقال قوم هذه الآية منسوخة وإنما نزلت بمكة وكان المشركون يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله هذه الآية فأمرهم فيها بمودة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلة رحمه فلما هاجر إلى المدينة وآواه الأنصار ونصروه أحب الله عز وجل أن يلحقه بإخوانه من الأنبياء عليهم السلام حيث قال (وما أسئلكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين) فأنزل الله تعالى (قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله) فهي منسوخة بهذه الآية وبقوله (قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين) وغيرها من الآيات وإلى هذا ذهب الضحاك بن مزاحم والحسين بن الفضل وهذا قول غير مرضي لأن مودة النبي صلى الله عليه وسلم وكف الأذى عنه ومودة أقاربه والتقرب إلى الله بالطاعة والعمل الصالح من فرائض الدين وهذه أقاويل السلف في معنى الآية فلا يجوز المصير إلى نسخ شيء من هذه الأشياء وقوله (إلا المودة في القربى) ليس باستثناء متصل بالأول حتى يكون ذلك أجرا في مقابلة أداء الرسالة بل هو منقطع ومعناه ولكي أذكركم المودة في القربى وأذكركم قرابتي منكم كما روينا في حديث زيد بن أرقم (أذكركم الله في أهل بيتي) قوله تعالى (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) أي من يكتسب طاعة نزد له فيها حسنا بالتضعيف (إن الله غفور) الذنوب (شكور) للقليل حتى يضاعفها)
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»